شهداء وطرف ثالث..قصة بقلم: حماده عوضين

الأربعاء، ديسمبر 05، 2012


شهداء وطرف ثالث..قصة بقلم: حماده عوضين


تقف خلف النافذة..تنظر بتمعن فى الظلام الدامس إلى مجهول لا يعلمه ألا الله ..فحين تتأملها شقيقتها الصغيرة وهي تبكي بحرقة وألم...تزايدت تأملات نهال...هى ارملة في الخامسة والاربعين من عمرها «ابنة الأثرياء» سكّان الحيّ الراقي بالقاهرة..ورغم انها امرأة فائقة الانوثة والجمال رفضت الزواج من 11 رجلاً بعد وفاة زوجها عماد فقد كان رجلاً غير كل الرجال..خلوقا محبا للجميع..ولما لا وقد تميز بابتسامته الدائمة التي لا تفارق شفتاه فنادرا ما تجده غير مبتسم ..فقد كان بحسب شهادة نهال وأهلها خلوقا...ممتلكاً لروح قتالية عالية وإنسانية وطبيعة بشرية لا تتوافر فى غيره وهي منحة إلهية وهبة ربانية..وقبل كل ذلك كان ناشطا مصريا مناضلا من أجل حقوق الإنسان في عهد الرئيس المستبد مبارك..وكان باحثاٌ عن الحريه لجميع المصريين تكرر اعتقالة أكثر من مرة وتم إقصاؤه من عمله كأستاذ جامعي..وظل عماد يناضل ضد الاستبداد حتى توفي وهو يبلغ من العمر 34 عاما فقط متأثرا بمرض نادر لم يُكتشف إلا قبل وفاته بقليل تاركا وراءه زوجته نهال وابنه الوحيد محمد الذي ربته أمه على خطى والده..فرغم عيشتة الرغدة تعايش منذ طفولته ملتحما بالمجتمع ومشاكله..وظل محمد متأثرة بالفقر المقدع وحالات الفقر المتنوعة التى تحيط بسكان الأحياء العشوائية يتألم كثيرأ عندما يري من يأكلون من صناديق القمامة والتبرعات التي يُقدمها من أموال والديه لا تكفي للكثيـــــــرين..كان محمد من اوائل الشباب الذين شاركوا فى ثورة 25 يناير المجيدة..وفى هذا اليوم الموعود اصر محمد على النزول مع أصدقائه إلى الميدان دون رغبة والدته بعد أن صارت ساحة ميدان التحرير أرضا مفخّخة ويعشش الموت فى جميع جنباتها..قال محمد مبتسما وكأنه يودع الحياة لا تخشى شيئا أنا معى كاسحة أَلْغام من الأصدقاء سوف يكونوا طوق النجاة..سمحت له نهال بالنزول لم تكن غلطتها و لا غلطته،فقد كان هذا حال جميع الأسر المصرية شبابها فى الميدان..لكن محمد شاب غير تقليدى فهو مؤثر جداً فى احداث الثورة..وها هو العميل أبلغ بوصول محمد للميدان..وبينما يهتف عيش حرية عدالة اجتماعية أصيب محمد برصاصة قناص سقط وسط الميدان مضرجاً فى دمائه واستشهد قبل وصوله للمستشفى أثناء نقله بسيارة الإسعاف متأثرا بطلق نارى فى المخ استهدفه خصيصا..تلقت نهال خبر استشهاد أبنها الوحيد من خلال قناة اخبارية صمتت في ذهول وأعلنت بعد فتره وجيزه قبولها بنفس راضية استشهاده لكنها ناضلت للقصاص من قاتلة هو وباقى الشهداء وطالبت مؤسسات الدوله باحترام دماء من قتلوا غدراً.. وتسائلت وهي تبكي: من قتل الشهداء طالما قادة الشرطة أبرياء؟...قالوا لها بدون حياء:الطرف الثالث هو من قتل المتظاهرين وتسبب في سقوط الشهداء..أصيبت بصدمة عصبية إثر سماعها هذا الهراء...وبعد أربع شهورعلى حادث فشل انتحارها سكنت مستشفى الأمراض النفسية..
شهداء وطرف ثالث..قصة بقلم: حماده عوضين