إسرائيل وأمريكا والحرب القادمة..!!..لماذا تقرع طبول الحرب في إسرائيل، مرة ضدّ قطاع غزة، وأخرى ضدّ المقاومة اللبنانية وشن حملة عسكرية جوية لضرب إيران؟

الخميس، فبراير 23، 2012

د. فوزي الأسمر:لماذا تقرع طبول الحرب في إسرائيل، مرة ضدّ قطاع غزة، وأخرى ضدّ المقاومة اللبنانية وبالتحديد حزب الله، ولكن أعلى صوت هو الطبل الذي يدعو لشن حملة عسكرية جوية لضرب المنشآت النووية الإيرانية؟ وحجة إسرائيل في ذلك أنها متخوفة من أن تتحول إيران إلى دولة نووية، هذا التخوف دفعها للعمل الدؤوب لإقناع الولايات المتحدة بتبني وجهة نظرها، وتقوم بمساعدتها في تنفيذ هذه العملية: "خدمة للإنسانية ولحماية نفسها ومن أجل المحافظة على المصالح الغربية وفي مقدمتها المصالح الأمريكية في المنطقة، وخدمة للأنظمة الصديقة للولايات المتحدة"!! حسب ما تبث إسرائيل في دعايتها حول هذا الموضوع. ويبدو أن العقلاء في وزارة الدفاع الأمريكية يرفضون تبني هذا المنطق، وتبين أيضا أن البيت الأبيض يرفض قبول الإملاء الإسرائيلي في هذا الأمر. ومع ذلك لا يزال الموقف الأمريكي ثابتا على أن "كل الخيارات لا تزال مفتوحة بما في ذلك الخيار العسكري". كما أن واشنطن لا تزال مصرة على منع إيران من إنتاج قنبلة نووية، وليس لدى واشنطن أدلة كافية تقنعها أن تقبل موقف إيران القائل إن مشاريعها النووية هي للأغراض السلمية. ولكن إسرائيل بدأت في الفترة الأخيرة تزيد من ضغطها على أمريكا عن طريق توجيه "تهديد" بقيامها بالعملية لوحدها، وبدون إذن أو تنسيق مسبق مع واشنطن. هذا الأمر هو الذي حدا بالإدارة الأمريكية إلى إرسال عدد من المسؤولين الأمريكيين الكبار إلى تل أبيب خلال الفترة الأخيرة لمناقشة هذا الأمر مع المسؤولين الإسرائيليين. فالسياسيون والإستراتيجيون العسكريون الأمريكيون يعتقدون أن أمر توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية قد تؤدي إلى اندلاع حرب مدمرة في المنطقة، وتربك الكثير من الأنظمة القائمة، بالإضافة إلى أنه لا يمكن القضاء على قوة الردع الإيرانية عن طريق هجومات جوية فقط.فالسياسيون يعتقدون أن فشل مثل هذا الهجوم قد يؤدي إلى توجيه ضربة قاصمة لكثير من الأنظمة المؤيدة لأمريكا في المنطقة. كما أن أمريكا مشغولة الآن في انتخابات الرئاسة، وبلا شك أن الرئيس باراك أوباما غير معني بفتح جبهة جديدة، في الوقت الذي يفكر بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، وتقليص مصاريف وزارة الدفاع، والاستمرار في إيجاد فرص عمل جديدة تمنحه مزيدا من الشعبية، ويساعد الاقتصاد الأمريكي بالخروج من أزمته المزمنة. ولكن القيادة الإسرائيلية تعتقد أن هذا أنسب وقت لفرض موقفها على الرئيس أوباما.كما أن تبني المنطق الإسرائيلي من جانب واشنطن، يحتاج إلى الوصول إلى تفاهم مع كل من روسيا والصين وبعض الدول الغربية التي لها مصالح اقتصادية مع إيران. فقد سبق لليابان أن طلبت من الولايات المتحدة أن تسمح لها عدم تبني موقفها من الأزمة الإيرانية تمشيا مع مصالحها هي. أما بالنسبة للاستراتجيين العسكريين فقد وصلوا إلى نتيجة، كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" "20/ 2/ 2012" تتلخص في ما يلي: للقيام بمثل هذه العملية فإن إسرائيل بحاجة إلى استعمال 100 طائرة مقاتلة/ قاذفة. وهذه الطائرات يجب أن تقطع مسافة ألف ميل كي تصل إلى أهدافها. وهذا معناه أن أمامها عقبتين رئيسيتين:الأولى، أنها ستخترق أجواء دولة غير صديقة لها، مما قد يؤدي إلى تصادم بالمصالح والمواقف بين أنظمة هذه الدول وشعوبها لأنها ستعبر بدون تنسيق أو إذن، وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة خصوصا إذا كانت أمريكا غير راضية عن خطوات إسرائيل هذه. والعقبة الثانية، أن إسرائيل ليس لديها طائرات تستطيع قطع هذه المسافة بدون تزويدها بالوقود وهي في الجو. ولديها 8 طائرات لتزويد الطائرات بالوقود وهي في الجو ولكنها قصيرة النفس ولا تستطيع الطيران ساعات طويلة، وهذا معناه أنها تحتاج إلى مساعدة دول في منتصف الطريق، أو عن طريق حاملة طائرات على متنها طائرات تستطيع القيام بهذه المهمة أي مشاركة الأسطول الأمريكي في هذه العملية، الأمر الذي تحاول واشنطن تجنبه. كما قالت الصحيفة الأمريكية أن مسؤولين أمريكيين يعتقدون أنه: "من الصعب اختراق التحصينات الإيرانية، وأن رد إيران قد يهدد بحرب واسعة في الشرق الأوسط".والنتيجة الواقعية لمثل هذا السيناريو أنه مركب وغير مضمون. ولهذا تحاول إسرائيل جاهدة إقناع أمريكا الدخول في هذه اللعبة، والتي في الواقع تخدم أولا وأخيرا مصلحة إسرائيل، تماما كما خدمتها الحماقة التي ارتكبتها أمريكا في غزوها للعراق، حيث دفعت ثمنا عاليا بالأرواح والأموال.ومحاولات إسرائيل هذه مبنية على أساس فلسفة إستراتيجية وضعها في حينه دافيد بن غوريون كأسس لتصرفات إسرائيل وهي: أن عليها أن تكون حليفة على الأقل مع دولة عظمى واحدة كشرط أساسي لكل مبادرة عسكرية تريد القيام بها. "هآرتس 21/ 2/ 2012". ولكن ماذا سيكون موقف واشنطن إذا أصرت إسرائيل على القيام بهذه المغامرة بدون سابق إنذار أو تنسيق مع حليفتها أمريكا؟ إذا أخذنا التصريحات التي صدرت عن بعض المسؤولين الأمريكيين فإن الجواب سيكون أنه قد، وأشدد على كلمة قد، تكون هذه سابقة تاريخية، ستمتنع أمريكا عن مساعدة إسرائيل وتحملها المسؤولية كاملة. فمثلا وجه قائد الجيوش الأمريكية مارتين ديمبسي تحذيرا لإسرائيل، وذلك في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأمريكية "سي. إن. إن" "19/ / 2012" بأن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيشكل خطورة وسيكون بمثابة خطوة لا فائدة منها. وأضاف الجنرال ديمبسي: "أن أي هجوم من هذا النوع سيلحق الضرر بإسرائيل نفسها". وفي اللقاء الذي تم بين مستشار الأمن القومي الأمريكي توم دونيلون وبين المسؤولين الإسرائيليين في تل أبيب حذر: "من التداعيات التي يمكن أن تترتب نتيجة أي هجوم عسكري تقوم به إسرائيل ضدّ المنشآت النووية الإيرانية. إنني أطلب من إسرائيل منح فرصة للعقوبات المفروضة على طهران لكبح برنامجها النووي" "يديعوت أحرونوت 20/ 2/ 2012". وتعتقد صحيفة "هآرتس" "20/ 2/ 2012" في افتتاحية لها أنه إذا استمرت إسرائيل في نهجها هذا: "ستجد نفسها واقفة أمام تضارب بالمصالح مع أمريكا، بل ربما في المواجهة معها وذلك في وقت هي في أمس الحاجة لدعم إدارة أوباما". ولكن يبدو أن كل جهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير دفاعه ليون بانيتا ومستشاره للأمن القومي توم دونيلون ورئيس الأركان المشتركة الجنرال مارتين ديمبسي ورئيس "وكالة المخابرات المركزية" الجديد ديفيد بترايوس، جميعهم لم ينجحوا لغاية الآن في إقناع القيادة الإسرائيلية بالعدول عن موقفها بشأن الضربة العسكرية. فلإسرائيل أجندة وتريد تنفيذها بعملية شمشونية قد تهدم المعبد عليها وعلى غيرها. هذه المواقف الأمريكية العلنية هي التي حدت بالمسؤولين الإسرائيليين الذين اجتمع معهم مستشار الأمن القومي الأمريكي توم دونيلون، بالتذمر أمامه من تصريحات ومواقف المسؤولين الأمريكيين لأنها حسب رأيهم: "تقدم خدمة كبيرة لإيران وتعزز موقفها الحالي". "هآرتس 21/ 2/ 2012".وتعتقد إسرائيل أن هذا هو الوقت المناسب لمثل هذا العمل، وإلا فات الأوان، وزادت المقاومة اللبنانية والفلسطينية من قوتها، واستمرت التغييرات في العالم العربي الشيء الذي ترى فيه مقدمة لتغييرات أساسية تنعكس سلبيا عليها، إذا لم يكن اليوم فقد يحدث هذا غدا. أو ربما تتطلع إسرائيل للحصول على "هدية" سمينة، كعادتها، مقابل التراجع عن موقفها."العرب اونلاين "