وحيد عبدالمجيد يبحر في تاريخ الإخوان المسلمين ومستقبلهم

الجمعة، أكتوبر 01، 2010

لم تثر جماعة أو حركة أو حزب في مصر والعالم العربي عموما، جدلا مثل ذلك الذي أثارته جماعة "الإخوان المسلمين" على مدى أكثر من 80 عاما، ومازالت تثيره.
ولم تدخل جماعة أو حركة أو حزب في صراع ضد عشرات الحكومات المتوالية إلا جماعة "الإخوان المسلمين" التي كان الصدام هو القاعدة والتعاون استثناء في علاقاتها مع الحكومات التي تولت الحكم في مصر في العصر الملكي وخصوصا منذ منتصف ثلاثينات القرن الماضي، ثم على مدى ثلاثة عهود في إطار النظام الجمهوري منذ عام 1954. ولم تحظ حركة أو جماعة أو حزب بمثل ما لقيته جماعة "الإخوان المسلمين" من اهتمام أكاديمي وبحثي. فما صدر عنها من كتب ودراسات في هذا الإطار يفوق غيرها، ربما باستثناء حزب الوفد الذي وجد اهتماما مساويا لها. غير أنه في الوقت الذي انحسر الاهتمام بهذا الحزب في العقود الأخيرة، مازالت العناية بدراسة جماعة "الإخوان المسلمين" في ازدياد. ومع ذلك، فقليلة هي الكتابات التي تجمع المعرفة الصحيحة بها والنظرة الموضوعية إليها وسط فيض لا ينتهي من الكتب والأبحاث والدراسات، فضلا عن المقالات التي لا تُعد ولا تحصى، وخصوصا منذ أن بدأ ما أُطلق عليه "الإحياء الإسلامي" في منتصف سبعينيات القرن الماضي. فعلى مدى عدة عقود، كان الإسلام السياسي إحدى أكثر الظواهر إثارة للجدل في عالمنا. وكثر المهتمون به كتابة وبحثا، وتنوعت دوافعهم، وتباينت مقاصدهم، بينما قل المعنيون حقا منهم، بفهم هذه الظاهرة وتحليلها ووضعها في سياقها التاريخي والموضوعي. ولم يكن المتطفلون في هذا المجال بغير معرفة أقل ضررا من الذين اقتحموه بدون الحد الأدنى من الموضوعية، وبما يفوق الحد الأقصى من الذاتية والانحياز في كثير من الأحيان. ويحاول د. وحيد عبد المجيد في كتاب "الإخوان المسلمون بين التاريخ والمستقبل كيف كانت الجماعة.. وكيف تكون؟" استشراف مستقبل جماعة "الإخوان المسلمين" عبر العودة إلى تاريخها وتحليل حاضرها ومناقشة اتجاهاتها والبحث في دلالات أخطائها التي جعلت تاريخها حافلاً بالمحن، وقراءة مواقفها التي تجعلها مخيفة لدى كثير من الاتجاهات والتيارات الأخرى وقطاعات في المجتمع. فالأكيد أن الخوف من "الجماعة" لا يعود إلى "فوبيا" أو حالة مرضية، بل يرتبط بصورتها التي تقدمها هي لنفسها عبر مواقفها تجاه المسألة
الديمقراطية وقضايا الحرية ومساحة الإبداع، كما بشأن العلاقة بين الدولة والدين، والتوجه إزاء المرأة والأقباط. فلم يستطع "الإخوان" على سبيل المثال إقناع الخائفين من الدولة الدينية، التي يزعم الحاكم فيها لنفسه سلطانا إلهيا، بأنهم يؤمنون حقا بدولة وطنية تقوم على المواطنة. ولم يتمكنوا من طمأنة الخائفين من أن فوز "الإخوان" بالأغلبية في انتخابات حرة يتوق إليها المصريون سيجعلها الأولى والأخيرة. وفي إيجاز، يفصَّله الكتاب في قسميه الرابع والخامس، لم يتقدم "الإخوان" بما يكفى لتجسير فجوة الثقة فيهم واستيعاب دروس تاريخهم المديد الحافل بالمحن. فهل يمكن أن تكون هذه الدروس معينة لهم على تلمس طريق إلى المستقبل يضع حدا للشكوك العميقة في نواياهم، ويمكّن الآخرين من بناء الثقة المفقودة في العلاقات معهم. السؤال كبير ومعقد. وفي هذا الكتاب محاولة أولى للإجابة عبر زيارة بحثية جديدة إلى تاريخ جماعة "الإخوان المسلمين" سعياً إلى استشراف ما قد يأتى به المستقبل من تطورات وما ينبغي عليها أن تفعله إذا أرادت أن تكون عنصرا من عناصر بناء مستقبل أفضل لوطن ديموقراطي وليس عاملا من عوامل إعاقة الطريق إلى هذا المستقبل. والكتاب يتحدث عن نشأة جماعة "الإخوان المسلمين" وتطورها 1928-1954، و"الإخوان" بين الدين والسياسة، و"الإخوان المسلمون" بين "السمع والطاعة" و"الحوار والشورى"، وعملية اتخاذ القرار فى جماعة "الإخوان المسلمين"، والمؤتمرات العامة لجماعة "الإخوان" وإدارة الخلافات داخل جماعة "الإخوان المسلمين". ويتابع انطلاق "الإخوان المسلمين" من مصر إلى الخارج، ويتوقف عند مشروع برنامج حزب "الإخوان المسلمين" بين النوايا والأفكار، وطبيعة الدولة وقضية المرجعية الدينية. وحظر تولي الأقباط والنساء رئاسة الدولة في النظام الرئاسي ورئاسة الوزراء في النظام البرلماني. وفي نظرة مستقبلية يتعرض الكتاب للإخوان المسلمين و"العقدة الديموقراطية"، ومعضلات العلاقة بين "الإخوان" والتيارات الأخرى... ميدل ايست اونلاين
==========================