صحيفة "التايمز" تقرع طبول الحرب بين سورية وإسرائيل

السبت، مايو 29، 2010

(دي برس – غسان عقله ) دخلت صحيفة "التايمز" اللندنية بشكل علني على خط التصعيد الذي تشنه إسرائيل ضد سورية، حيث نشرت في عددها الصادر صباح الجمعة 28-5-2010 ما أسمته بـ"صور جوية" التقطتها أقمار صناعية، تُظهر، كما ادّعت، بشكلٍ واضح وجلي مقاتلي حزب الله يشغلون صواريخ إيرانية وسورية داخل قاعدة تدريب خاصة بهم داخل الأراضي السورية، تستخدم أيضاً لشحن الصواريخ إلى لبنان!! وكما جرت العادة مع هذه التقارير المفبركة (مثل تقرير صحيفة الراي الكويتية للمخضرم في الكذب حسين عبد الحسين حين تحدث عن صواريخ سكود المهربة لحزب الله اللبناني) فإن الصحيفة اللندنية خلطت أيضاً بين الخاص والعام من جهة وبين الواقع والفنتازيا السينمائية من جهة أخرى، وذلك في محاولةٍ منها لتضييع المتلقي (بغض النظر عن مستواه وموقعه) حتى يتلقف أكاذيبها على أنه حقيقةٌ مطلقة لا تقبل التشكيك.
الصحيفة ادّعت أن "قاعدة حزب الله تقع بالقرب من بلدة عدرا شمال شرق العاصمة دمشق"، وبالفعل هناك قاعدة عسكرية، بل قواعد، في تلك المنطقة، لكنها وكما هو معروف تابعة للجيش السوري، لكن الصحيفة أرادت من ذلك أن تستند إلى أمرٍ موجود فعلاً وحقيقي لتصنع منه خبراً غير موجود إلا بعقل محرر خبرها. وتتابع الصحيفة لعبتها المكشوفة لتقول: إن "القاعدة تحتوي منامات لإيواء مقاتلي حزب الله"!! وهنا نسأل: هل يوجد قاعدة عسكرية في العالم لا يوجد فيها منامات؟! الأهم من هذا: كيف استطاعت الصحيفة معرفة أن الرجال الذين يتحركون في القاعدة هم رجال حزب الله؟! هل كتب المقاتلون اسم "حزب الله" على رؤوسهم مثلاً؟! أم أن الحزب ساذج لدرجة رفع علمه "الأصفر والأخضر" داخل قاعدة يفترض أنها سرية؟! أم لعل رجال "حزب الله" من فصيلة أخرى تختلف في بنيتها عن باقي البشر الذين نعرفهم؟!!! الأكثر صدمةً من هذا وذاك، حين تقول الصحيفة وبلغة يقينية أن "قاعدة عدرا ليست الوحيدة المقامة للحزب على أراضي سورية"! وكأن سورية إحدى "جمهوريات الموز" ذات السيادة الناقصة حتى تسمح بإقامة قواعد على أراضيها لحزب أو لدولة أجنبية!! أو حتى لتسمح لـ"صحيفة" أن تخترقها وتكشف عن هذه القواعد في حال وجودها!! وتستمر الصحيفة باللعب على وتر الخاص والعام فتنقل على لسان مصدر أمني (رجاها ألا تذكر اسمه) قوله: إن "حزب الله يستخدم القاعدة المذكورة وفقاً لرغبته وإرادته، وإن مقاتليه يقومون في أوقات محددة بنقل الصواريخ والوسائل القتالية الأخرى من القاعدة إلى داخل لبنان مستغلين الأحوال الجوية التي تصعب على الأقمار الصناعية "الإسرائيلية" مهمة رصد وتصوير عمليات النقل". طبعاً ليس مطلوب منا معرفة هوية هذا المصدر الأمني ولا لأي جهاز مخابرات يتبع، ولا من أين استقى معلوماته التي تصور حزب الله بمظهر الوصي على السيادة السورية! فقط يطلب منا أن نصدق هذه التعميمات الواردة بأكثر الصياغات الصحفية ضعفاً وقابلية للدحض "مصدر أمني طلب عدم ذكر اسمه" مكتفين بصدورها عن "صحيفة مرموقة" هي صحيفة "التايمز"!! إن هدف صحيفة "التايمز" اللندنية لا يخفى على أحد وهو محاولة رخيصة لإيجاد ذريعة تبحث عنها "إسرائيل" حتى تقوم بشن عدوان على سورية، وهو هدف على كل حال لا يختلف أبداً عن هدف صحيفة "الراي" الكويتية في التقارير المفبركة التي تنشرها لمراسلها الأفاك من واشنطن حسين عبد الحسين، بل إن هذه الأهداف لا تختلف عن هدف كولن باول (وزير خارجية الأحمق بوش) حين عرض على مجلس الأمن الدولي صوراً ادعى أنها أسلحة دمار شامل عراقية، خصوصاً أن الصحيفة اللندنية، التي طالما وصفت بمهنيتها، استبقت أية ردة فعل "رسمية" لأي مجرمٍ من كيان الاحتلال وحولت نفسها لناطقٍ رسمي لحكومتها بقولها في التقرير الذي أعدته: إن "إسرائيل لا تنوي السكوت لسورية هذه المرة بعد الكشف الواضح والموثق الذي يدينها بمساعدة ودعم حزب الله ونقل الأسلحة والصواريخ إلى لبنان، وأن هجوماً إسرائيلياً لردع سورية وحزب الله أقرب من أي وقت مضى". على الرغم من هشاشة التقرير الذي نشرته صحيفة "التايمز" إلا أنه من المؤكد أن الأيام القريبة القادمة ستشهد تصعيداً جديداً من قبل "إسرائيل" ضد سورية قد تنتهي بحرب إقليمية يتوقعها الجميع، فكيان الاحتلال يبحث عن أية ذريعة ليشعل حرباً يعتقد أنه استعد لها بالأخص بعد انتهائه من مناوراته الأخيرة، وسواء أن اشتعلت حرب جديدة في المنطقة أم لا، يبقى تقرير صحيفة "التايمز" الجديد شاهداً حياً عن الدور المأجور الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام لصالح مجرمي الحروب في العالم.

=======================================