ما أكثر المشاكل، وما اعقد القضايا التي تواجهها مصر في هذا المرحلة الصعبة، في الداخل هناك الحراك السياسي والأوضاع الاقتصادية وما يرافقها من احتجاجات واعتصامات.
ومن الخارج تأتي قضية مياه النيل وما تفرضه من تحديات في ظل أوضاع مضطربة في السودان وتوجه نحو التقسيم بكل تبعاته، لتضاف إلى الهم الأساسي الذي يمثله العدو الإسرائيلي وهو يقود المنطقة نحو حرب جديدة حتى وهو يدرك حاجة راعيه وداعمه الأساسي «أميركا» لسلام يستطيع من خلاله ترتيب الأوضاع في العراق والتعامل مع الملف الإيراني والخروج بلا خسارة من أفغانستان. في مراحل سابقة كانت مصر قادرة على الإمساك بكل هذه الملفات وإدارة كل هذه الأزمات وتحقيق أكبر قدر من التنسيق بين الجهود العربية. الآن تبدو المهمة صعبة في ظل ما حدث من تطورات منذ أن انكسر التحالف العربي الذي قاد حرب أكتوبر، ومنذ كامب ديفيد وما تلاها من انقسامات، وبعد النكبات التي توالت على الأمة من غزو الكويت إلى تدمير العراق إلى إطلاق يد الإرهاب الذي تربي أساساً في حضن أميركا وبرعايتها!! ومع ذلك فمصر كانت على الدوام قادرة على تجاوز الصعاب مهما كانت. وكانت تدرك على الدوام أن حائط الصد الأساسي الذي تملكه في مواجهة كل التحديات هو وحدتها الوطنية. ومن هنا كان اليقين بأن هذه الوحدة هي الخط الأحمر الذي لا يمكن التسامح مع تجاوزه في أي ظرف. فالوحدة الوطنية بين مسلمي مصر وأقباطها هي التي جعلت أقباط مصر على الدوام يرفضون اعتبارهم «أقلية» ويرفضون ما عرض عليهم من تخصيص نسبة لهم في البرلمان أو في الوظائف العامة. ويرفضون أي تدخل أجنبي في أي أحداث طائفية ازدادت وتيرتها في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة سياسية واجتماعية مع ازدياد نفوذ ثقافة متخلفة تدعو للتعصب المرفوض من غالبية الشعب المصري. ما الذي يجعلنا نثير هذه القضية الآن؟ إنه ما نلاحظه من محاولات خارجية ـ في هذا التوقيت ووسط الظروف الصعبة التي تمر بها مصر لإشعال الموقف على الجبهة الطائفية. وآخر هذه المحاولات هو ما تم الإعلان عنه من جانب أحد الناشطين في هذا المجال، وهو المهاجر الأميركي ـ المصري مايكل منير عن إطلاق مبادرة لتأسيس «البرلمان القبطي». زعم أنها باتفاق مع نحو 40 منظمة حقوقية قبطية في مختلف دول المهجر، وذلك لخلق كيان يمثل الأقباط شرعيا وقانونيا أمام الدول والمنظمات العالمية، مؤكدا أن أهداف البرلمان هو حماية الشعب القبطي المضطهد. وقبله بأيام كان متعصبا آخر نصب نفسه زعيماً لما اسماه الجمعية الوطنية القبطية الأميركية يرسل برقية تهنئة لشعب إسرائيل في عيد انتصاره على الغزاة العرب معلناً تطلع الأقباط لليوم الذي تتحرر فيه مصر من الاحتلال العربي كما تحررت إسرائيل منه. لا نحتاج لكثير من الجهد لنعرف من وراء مثل هذا الكلام المهووس، ولا الهدف منه، ولكننا نحتاج لأن نتعامل بجدية في مواجهة الجهود المحمومة لإشعال الفتنه في مصر. وبداية لابد أن نتجنب الوقوع في خطأ التعامل مع هؤلاء على أنهم يمثلون «أقباط المهجر». إن الملايين من أقباط مصر يعيشون في الخارج بعيداً عن هذا الهوس الطائفي، ولكنهم بالطبع يتأثرون من الحملات التي تطلقها هذه المنظمات المشبوهة و التي تتوزع علاقاتها بين المخابرات الأمريكية واللوبي الصهيوني، هذه الملايين من المواطنين الأقباط المصريين المرتبطين بوطنهم لا يجدون من يشرح لهم الحقائق ولا من يساعدهم في تنظيم صفوفهم لمواجهة الحملات المشبوهة. ولا من يجمع بينهم وبين إخوتهم المسلمين في روابط كانت موجودة وكانت تمثل كل المصريين في الخارج وكانت تجد مساعدة الدولة في حل مشاكل هذه الجاليات. وبالطبع كان الأمر سهلاً حين كانت تجمع كل المصريين (والعرب أيضاً) أهداف وطنية وقومية واحدة قبل أن تداهمنا رياح التخلف و التعصب و الانقسام. نعم.. هناك مشاكل يواجهها الأقباط في مصر، وهناك أحداث طائفية تقع بين الحين والآخر، ولكن ليس هناك مذابح جماعية ولا حروب طائفية كما يزعم من يغتصبون الحديث باسم أقباط المهجر. وقد كان مايكل منير صاحب اختراع البرلمان القبطي في مصر في العام الماضي، وشارك في حوار أجريناه في المجلس القومي لحقوق الإنسان، واعترف بأن الصورة لديه كانت خاطئة، وأنه لم يكن يدرك أن كل القضايا مطروحة للنقاش وأن الجميع ـ مسلمين ومسيحيين ـ حريصين على حل كل المشاكل على أساس المواطنة الكاملة، ولكن يبدو أن إغراءات الخارج كانت أكبر. وأن القوي التي تمول وتحرك تري في الظروف الحالية التي تمر بها مصر فرصة لتفجير الموقف الطائفي، سواء لابتزاز مصر في قضايا مطلوب منها أن تقدم تنازلات فيها، أو لإرغام مصر على الانكفاء للداخل ريثما يتم ترتيب أوضاع المنطقة من العراق والخليج.. إلي السودان والصومال، إلى منابع النيل، علماً بان للكنيسة القبطية دور له أهميته في قضية فلسطين و القدس التي يرفض البابا شنودة بإصرار السماح لأقباط مصر بالحج إليها قبل تحررها من الاحتلال. كما أن دوراً آخر للكنيسة مطلوب بشدة في قضية مياه النيل حيث إثيوبيا هي الطرف الأساسي الذي يقود الحملة ضد مصر والسودان، وحيث للكنيسة المصرية نفوذها بالغ التأثير على الكنيسة الإثيوبية وعلاقاتها الوثيقة التي يمكن أن تمثل جسراً لحل الخلافات بين البلدين، وهو جسر تحرص قوى عديدة معادية على تدميره، بتصوير مصر دولة تضطهد مواطنيها الأقباط، أو بجعل الطائفية عنواناً في وطن كان يعيش على الدوام مؤمناً بأن الدين لله والوطن لجميع أبنائه. * نقلا عن ("البيان" الإماراتية - العربية نت )
ومن الخارج تأتي قضية مياه النيل وما تفرضه من تحديات في ظل أوضاع مضطربة في السودان وتوجه نحو التقسيم بكل تبعاته، لتضاف إلى الهم الأساسي الذي يمثله العدو الإسرائيلي وهو يقود المنطقة نحو حرب جديدة حتى وهو يدرك حاجة راعيه وداعمه الأساسي «أميركا» لسلام يستطيع من خلاله ترتيب الأوضاع في العراق والتعامل مع الملف الإيراني والخروج بلا خسارة من أفغانستان. في مراحل سابقة كانت مصر قادرة على الإمساك بكل هذه الملفات وإدارة كل هذه الأزمات وتحقيق أكبر قدر من التنسيق بين الجهود العربية. الآن تبدو المهمة صعبة في ظل ما حدث من تطورات منذ أن انكسر التحالف العربي الذي قاد حرب أكتوبر، ومنذ كامب ديفيد وما تلاها من انقسامات، وبعد النكبات التي توالت على الأمة من غزو الكويت إلى تدمير العراق إلى إطلاق يد الإرهاب الذي تربي أساساً في حضن أميركا وبرعايتها!! ومع ذلك فمصر كانت على الدوام قادرة على تجاوز الصعاب مهما كانت. وكانت تدرك على الدوام أن حائط الصد الأساسي الذي تملكه في مواجهة كل التحديات هو وحدتها الوطنية. ومن هنا كان اليقين بأن هذه الوحدة هي الخط الأحمر الذي لا يمكن التسامح مع تجاوزه في أي ظرف. فالوحدة الوطنية بين مسلمي مصر وأقباطها هي التي جعلت أقباط مصر على الدوام يرفضون اعتبارهم «أقلية» ويرفضون ما عرض عليهم من تخصيص نسبة لهم في البرلمان أو في الوظائف العامة. ويرفضون أي تدخل أجنبي في أي أحداث طائفية ازدادت وتيرتها في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة سياسية واجتماعية مع ازدياد نفوذ ثقافة متخلفة تدعو للتعصب المرفوض من غالبية الشعب المصري. ما الذي يجعلنا نثير هذه القضية الآن؟ إنه ما نلاحظه من محاولات خارجية ـ في هذا التوقيت ووسط الظروف الصعبة التي تمر بها مصر لإشعال الموقف على الجبهة الطائفية. وآخر هذه المحاولات هو ما تم الإعلان عنه من جانب أحد الناشطين في هذا المجال، وهو المهاجر الأميركي ـ المصري مايكل منير عن إطلاق مبادرة لتأسيس «البرلمان القبطي». زعم أنها باتفاق مع نحو 40 منظمة حقوقية قبطية في مختلف دول المهجر، وذلك لخلق كيان يمثل الأقباط شرعيا وقانونيا أمام الدول والمنظمات العالمية، مؤكدا أن أهداف البرلمان هو حماية الشعب القبطي المضطهد. وقبله بأيام كان متعصبا آخر نصب نفسه زعيماً لما اسماه الجمعية الوطنية القبطية الأميركية يرسل برقية تهنئة لشعب إسرائيل في عيد انتصاره على الغزاة العرب معلناً تطلع الأقباط لليوم الذي تتحرر فيه مصر من الاحتلال العربي كما تحررت إسرائيل منه. لا نحتاج لكثير من الجهد لنعرف من وراء مثل هذا الكلام المهووس، ولا الهدف منه، ولكننا نحتاج لأن نتعامل بجدية في مواجهة الجهود المحمومة لإشعال الفتنه في مصر. وبداية لابد أن نتجنب الوقوع في خطأ التعامل مع هؤلاء على أنهم يمثلون «أقباط المهجر». إن الملايين من أقباط مصر يعيشون في الخارج بعيداً عن هذا الهوس الطائفي، ولكنهم بالطبع يتأثرون من الحملات التي تطلقها هذه المنظمات المشبوهة و التي تتوزع علاقاتها بين المخابرات الأمريكية واللوبي الصهيوني، هذه الملايين من المواطنين الأقباط المصريين المرتبطين بوطنهم لا يجدون من يشرح لهم الحقائق ولا من يساعدهم في تنظيم صفوفهم لمواجهة الحملات المشبوهة. ولا من يجمع بينهم وبين إخوتهم المسلمين في روابط كانت موجودة وكانت تمثل كل المصريين في الخارج وكانت تجد مساعدة الدولة في حل مشاكل هذه الجاليات. وبالطبع كان الأمر سهلاً حين كانت تجمع كل المصريين (والعرب أيضاً) أهداف وطنية وقومية واحدة قبل أن تداهمنا رياح التخلف و التعصب و الانقسام. نعم.. هناك مشاكل يواجهها الأقباط في مصر، وهناك أحداث طائفية تقع بين الحين والآخر، ولكن ليس هناك مذابح جماعية ولا حروب طائفية كما يزعم من يغتصبون الحديث باسم أقباط المهجر. وقد كان مايكل منير صاحب اختراع البرلمان القبطي في مصر في العام الماضي، وشارك في حوار أجريناه في المجلس القومي لحقوق الإنسان، واعترف بأن الصورة لديه كانت خاطئة، وأنه لم يكن يدرك أن كل القضايا مطروحة للنقاش وأن الجميع ـ مسلمين ومسيحيين ـ حريصين على حل كل المشاكل على أساس المواطنة الكاملة، ولكن يبدو أن إغراءات الخارج كانت أكبر. وأن القوي التي تمول وتحرك تري في الظروف الحالية التي تمر بها مصر فرصة لتفجير الموقف الطائفي، سواء لابتزاز مصر في قضايا مطلوب منها أن تقدم تنازلات فيها، أو لإرغام مصر على الانكفاء للداخل ريثما يتم ترتيب أوضاع المنطقة من العراق والخليج.. إلي السودان والصومال، إلى منابع النيل، علماً بان للكنيسة القبطية دور له أهميته في قضية فلسطين و القدس التي يرفض البابا شنودة بإصرار السماح لأقباط مصر بالحج إليها قبل تحررها من الاحتلال. كما أن دوراً آخر للكنيسة مطلوب بشدة في قضية مياه النيل حيث إثيوبيا هي الطرف الأساسي الذي يقود الحملة ضد مصر والسودان، وحيث للكنيسة المصرية نفوذها بالغ التأثير على الكنيسة الإثيوبية وعلاقاتها الوثيقة التي يمكن أن تمثل جسراً لحل الخلافات بين البلدين، وهو جسر تحرص قوى عديدة معادية على تدميره، بتصوير مصر دولة تضطهد مواطنيها الأقباط، أو بجعل الطائفية عنواناً في وطن كان يعيش على الدوام مؤمناً بأن الدين لله والوطن لجميع أبنائه. * نقلا عن ("البيان" الإماراتية - العربية نت )
=====================================