حماده عوضين يقدم قراءة في كتاب بألف كتاب: الإسلام بين الشرق والغرب ..كيف يسقط أعداء الله ؟

الثلاثاء، أكتوبر 23، 2012

 
 
حقيقى هو كتاب بألف كتاب فقد أحدث كتاب "الإسلام بين الشرق والغرب" لرئيس البوسنة السابق علي عزت بيجوفيتش (1925 – 2003) صدمة حقيقية لأعداء المسلمين، ففي الوقت الذي كانت عصابات الصرب والكروات تمارس جرائم الإبادة المنظمة بحق مسلمي الدولة الوليدة "البوسنة والهرسك" المقدرين بعشرات الملايين، كان بيجوفيتش في كتابه يكشف سقوط النظام العالمي البائس والأيدلوجويات الغربية الشيوعية والماركسية والليبرالية والرأسمالية، كما نقل رأيه المبني على شواهد في تفوق الإسلام على العقيدتين اليهودية والمسيحية كدين سماوي وأرضي في نفس الوقت ، يحل أزمات الإنسان المعاصرة المتفاقمة.
لقد جاء كتاب الإسلام بين الشرق والغرب لمؤلفه الرئيس البوسني (علي عزت بيجوفيتش) ليناقش أبرز الأفكار العالمية في تاريخ البشرية المعاصرة، وللإجابة على كثير من الأسئلة التي تهم الجيل الجديد، والهدف من الكتاب هو إنارة الطريق للبشرية التي تتجه إلى مُرَكَّب جديد وموقف وسطي جديد في عصر المعضلات الكبرى والخيارات، وقد أصبحت الأيديولوجيات المتضاربة بأشكالها المتطرفة لا يمكن فرضها على الجنس البشري، ومن هنا فإن الإسلام هو مستقبل الإنسان، لأنه يدعو إلى خلق إنسان متسق مع روحه وبدنه، وكما كان الإسلام في الماضي الوسيط الذي عبرت من خلاله الحضارات القديمة إلى الغرب فإن عليه اليوم مرة أخري أن يتحمل دوره كأمة وسط في عالم منقسم، وذلك هو معنى الطريق الثالث - طريق الإسلام - الذي يحتل موقعًا وسطًا بين الشرق والغرب.
لقد قام صديق بيجوفيتش السيد حسن قرشي بتهريب النسخة الأصلية من الكتاب في أوائل الثمانينات من القرن الماضي واستطاع ترجمتها للإنجليزية ونشرها بقلب أمريكا، ليشاهدها العالم . وكانت وقتها قوات الأمم المتحدة مشغولة بمراقبة مذابح مسلمي البوسنة دون أن تحرك ساكنا ، وكان العالم الإسلامي يصدر الإدانات والشجب ولا يقوى على الفعل لإنقاذهم.
وقد نشأ بيجوفيتش المفكر الإسلامي في قلب نظام شيوعي مستبد، وظل معتزا بإسلامه ، وهو ينحدر من أسرة بوسنية عريقة ، أما حياته فأمضاها بين العمل بالقانون ثم النشاط في مجال الدعوة والعمل الإسلامي .
حكم على بيجوفيتش بالسجن خمس سنوات في عهد جوزيف بروز تيتو الذي استولى وحزبه الشيوعي على السلطة في البوسنة بعد الحرب العالمية الثانية 1949 ، وشاركه بالحكم عدد من أبرز علماء المسلمين الذين تعرضوا للتنكيل والإعدام ، وما من جريمة ارتكبوها سوى السعى للمحافظة على هوية الشباب الإسلامية بعد أن أصبحوا في حكم الشيوعيين محاصرين بين الإلحاد الرسمي أو المسيحية التي ترعاها كنائس كرواتيا والصرب بدعم غربي . وبعد أن خرج أنتج بيجوفيتش كتابه "الإعلان الإسلامي" 1970 ووصفه البعض بأنه يدعو للجهاد المقدس لإقامة دولة إسلامية بقلب أوروبا ، فقدم للمحاكمة السرية العاجلة وتعرض لحكم بـ14 عاما بتهمة محاولة قلب نظام الحكم ، وفي سنوات سجنه أعد كتابه الذي بين أيدينا الآن والذي مرت ذكرى مولد مؤلفه 19 أكتوبر الجاري ..
يؤكد بيجوفيتش في فصول الكتاب المتقدمة، أن أكثر الدول المتقدمة التي ينعم مواطنيها بالرخاء تواجه انتشار حالات الانتحار والاكتئاب، وذلك لغياب الجوانب الروحية والدين والغرق في حياة المادية الزائفة .
ويرى الكاتب أن شعار الحضارة الغربية كان "انتج لتربح ، واربح لتبدد" وهو نوع من تقوية الصلة بين الإنسان والسلعة بحيث لا يعيش من دونها، وافتقدت تلك الحضارة للأخلاق والثقافة التي تتمثل في السلوك ، فشرع الرومان لأنفسهم اقتناء العبيد من إفريقيا بالملايين وإذلالهم بالسخرة، وهكذا فعل الأمريكان البيض في الهنود الحمر، ورأينا أيضا أكبر الدول المتحضرة ملوثة بالعوادم ومخلفات المصانع .
وقد خلقت تلك الحضارة الغربية أيضا طبقة عمال مسخرة لخدمة الملاك ، ويسهل التلاعب بهم ، حتى أن مطالبهم اقتصادية غالبا وليست إنسانية .
أما الفن فقد سخرته الدول الشيوعية لخدمة السياسة، ومنعت الأعمال الأدبية كما فعل الاتحاد السوفيتي مع روايات ديستويفسكي ولوحات مارك شاجال ، وقد أصبح أشهر الأدباء والفنانين هناك معارضون بالضرورة للنظام .. وكان ذلك ضمن إجراءات تكميم الصحف وتزكية الأمن والجيش ومنع الأحزاب ، كما منعت الصين أعمال تولستوي وبيتهوفن وشكسبير حيث كان النظام الرسمي يعيش أجواء شيوعية إلحادية .
رغم كل ذلك كان الدين الفطري يقاوم في البشر ليعلي وجوده ، وزالت فلسفات الماركسية "النفعية المادية" والأبيقورية " القائمة على المتعة واللذة" واندثرت من الوجود .
وإذا انتقلنا للأسرة ، فسنجد أن كثير من فلسفات الغرب لم تعترف بوجودها، وخاصة الماركسية، ولنقرأ كتابات سيمون ديبفوار المحررة الفرنسية وماركس وإنجلز بل وأفلاطون ذاته لنتأكد من ذلك، فهم يستبدلون بالأسرة ، المجتمع نفسه، ويزدرون وظيفة الأمومة الطبيعية باعتبارها معوقا للمرأة !
الرابط الأساسى للمقال