بعد تجمع مواطنون عند أبواب القصر مرسى يواجه عبء توقعات المصريين الذين يأملون أن يغدق عليهم من خيرات الدولة

الاثنين، يوليو 02، 2012


إذا احتاج الرئيس الجديد محمد مرسي ما يذكره بحجم التوقعات المنتظرة منه مع تسلمه مهام منصبه فما عليه إلا أن ينظر من نافذة القصر الرئاسي، فقد تجمع مواطنون عند أبواب القصر الجمهوري، اليوم الأحد، بعضهم يطالب بوظائف، وآخرون بتعويضات من الدولة، وغيرهم يطالبون بالإفراج عن أقارب معتقلين، مما يظهر إلى أى مدى تسبب التفويض الشعبي، الذي حظي به مرسي في زيادة الآمال في حكومة تكون أكثر استجابة لمطالب الشعب. وقال رجل يبلغ من العمر 52 عامًا وقف بين المجموعة، التي كانت تتحدث إلى حراس الأمن على باب القصر "اسمي علاء أحمد بيومي، وأنا هنا لأطالب بمعاش أكبر، عندى خمسة أطفال وتكاليف السكن وحدها تزيد على معاشي وهذا غير مقبول". وبينما كان مرسي يعمل على تشكيل حكومته الجديدة لتحل محل الحكومة الانتقالية، التي عينها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كان المواطنون الذين يحملون طلباتهم يجلسون في الحدائق المواجهة للقصر، حيث كانوا يأكلون ويشربون ويستريحون في الظل، ولم يكن يسمح للمصريين العاديين قط بالاقتراب من القصر الجمهوري إلى هذا المدى في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضي. وقال مرسي الذي يريد التأكيد على الفارق بينه وبين سلفه أنه لن يدير ظهره أبدًا لمواطنيه، وأنه سيسعى لتحقيق العدالة لكل المصريين ومن بينهم من قتلوا أو أصيبوا خلال الثورة، وترجع أصول مبارك - مثله في ذلك مثل مرسي- إلى قرية فقيرة، لكن القائد الأسبق للقوات الجوية ابتعد عن شعبه، الذي تزايد فقره خلال ثلاثة عقود حكم فيها البلاد. وفي عهد مبارك كان تنظيم الاحتجاجات السياسية أمرا شبه مستحيل، حيث كانت أعداد هائلة من رجال الشرطة على أهبة الاستعداد لتفريق أي تجمعات والقبض على من يحاول التظاهر، وكانت الطرق التي تمر منها المواكب الرئاسية ممهدة منمقة، ويحيط بها حشود من المؤيدين، أو كانت تغلق أمام المواطنين لساعات، مما يؤدي إلى زحام هائل حتى يتمكن الرئيس من السير بسرعة في شوارع العاصمة الخالية، وعندما تولى مبارك السلطة أصبح الوجود الأمني حول القصر الرئاسي كثيفًا. أما اليوم الأحد فقد حاول رجال شرطة بالملابس الرسمية وضباط من أمن الرئاسة يرتدون سترات ونظارات شمسية سوداء التعامل بهدوء مع المواطنين، الذين كانوا يأملون في دخول محيط القصر الرئاسي، وكانوا يكتبون أسماءهم أو يقترحون عليهم تقديم طلبات مكتوبة، وسمح للمواطنين الذين ألحوا في مقابلة مرسي شخصيًا بالدخول إلى أرض القصر الرئاسي. وجلست سيدة عجوز ترتدي ملابس سوداء وتدعى أحلام محمد على رصيف خارج القصر وقالت "أريد وظيفة لابني. انه يجلس في البيت بلا عمل منذ شهور وهو من يطعمنا. بدونه سنموت جوعا"، أما هيثم عزت (29 عاما) فقد كان يطالب بتعويض عن إصابة في الوجه، أصيب بها خلال الانتفاضة ضد مبارك وحرمته من العمل، وقال سيد راشد الذي يبلغ من العمر 61 عامًا، الذي لم يحصل على تعويض عن إصابة حرب، رغم أنه رفع دعوى على الجيش "أنا أريد أن أقابل الرئيس".وقدم عمال استبعدوا خلال فترة الاصلاحات الاقتصادية، التي قادها مبارك طلبًا حددوا فيه أسماء 15 شركة اتهموها بفصل العمال تعسفيا، وقال عاطف مندي (38 عاما) الذي يتزعم مجموعة العمال المفصولين "نحن هنا لنطالب الرئيس بمساعدتنا فورًا، إذا أراد إعادة عجلة الإنتاج مرة أخرى فيجب أن نحصل على أجورنا ويجب أن تؤمن حقوقنا". ويعيش نحو 40 % من المصريين على أقل من دولارين يوميا، وقامت الانتفاضة على أساس أن الأمور لا يمكن أن تصبح أسوأ مما كانت عليه لكنها بالنسبة لكثيرين أصبحت أسوأ، فالاقتصاد يترنح والبطالة تتزايد بعد أن أثر الاضطراب السياسي على الاستثمار والسياحة، وموارد الدولة مضغوطة بشدة مما سيجعل إنفاق مرسي على أهداف تحقق له مزيدًا من الشعبية أمرًا صعبًا، والبرنامج السياسي لمرسي على أي حال قائم على مزيد من تحرير السوق بغرض حفز الاستثمار وهو ما يزيد خطر مواجهة مصاعب اقتصادية أشد في المستقبل القريب. وقد يمثل ذلك صدمة للمصريين الذين يأملون أن يغدق عليهم مرسي من خيرات الدولة أكثر مما وزعته جماعة الإخوان المسلمين، وساهمت شبكات الإخوان الخيرية والاجتماعية في تحويلها إلى واحدة من أكبر القوى السياسية في مصر، حيث تقدم الطعام بأسعار مخفضة والدواء وغيره من السلع الضرورية للفقراء، ويتساءل البعض مع تقليص الجيش لكثير من صلاحياته حتى قبل تسلمه المنصب يوم السبت إن كان مرسي يملك السلطة الكافية التي تسمح له بتحقيق تغيير جذري. ومن المتوقع أن تواجه أي محاولة للتصدي للفقر في مصر نظاما بيروقراطيا متضخما غير فعال من شأنه أن يعرقل خطى الإصلاح، وفي الوقت الحالي يعد مرسي بإجراءات عاجلة تكون لها آثار اجتماعية عاجلة متعهدًا بحل أزمة المرور واستعادة الأمن وجمع القمامة من الشوارع والقضاء على الاختناقات في عملية توزيع الخبز المدعم والوقود وغاز الطهي، لكن مع سيطرة الجيش على مفاصل الأمن القومي وهو ما قد يتضمن السيطرة على وزارة العدل قد يصبح من المستحيل على مرسي تحقيق بعض المطالب الشعبية. ومن بين من كانوا ينتظرون الرئيس اليوم الأحد ثلاث سيدات هن ناهد حسين عبد الفتاح ومروة خالد ونادية محمد أحمد اللائي جئن للمطالبة بالإفراج عن أقاربهن الذين -حسب قولهن- لفقت لهم قضايا وسجنوا في عهد مبارك، وقالت نادية أحمد "نعرف أن جماعة مبارك كانوا مستبدين وبلطجية. وكانوا يلفقون الجرائم ضد الناس وهذا ما فعلوه مع زوجي". ومع اقتراب اليوم من نهايته كان صبر بعض المتجمعين عند القصر الرئاسي قد نفد، وبدأ البعض في الرحيل تدريجيًا بينما بدأ آخرون في الصراخ في وجه رجال الشرطة الذين يمنعونهم من الدخول."رويترز"