
الرياض - فاتن يتيم - لا تزال مسألة تغطية المرأة لوجهها مثار جدل في السعودية كسواها من الدول، وإن كانت أكثر حساسية من غيرها كون الحجاب «فعلاً إجبارياً» على النساء جميعاً خارج بيوتهن بحسب طبيعة المجتمع والعادات والتقاليد، فيما يبقى هناك خلاف بين فقهاء يرون في تغطية الوجه «ضرورة» وآخرين لا. لكن اختلافاً ينشب بين أفراد التيار الديني نفسه وبين أفراد المجتمع يعيد لرحى الجدل طاقة الدوران لتبقى المرأة عالقة بين حجري الرحى.وإذا كانت «كفّة» كشف الوجه في السعودية بدأت تثقل، من خلال انتشار النساء الكاشفات لوجوههن بشكل ملحوظ، إلا أنها لم ترجح بعد. حتى اللواتي يتفقن على كشف الوجه، يختلفن أحياناً على الدلالات. وترى المذيعة في قناة «الحرة» بثينة النصر أن كشف الوجه مرادف للتحرر، وتقول: «نعم، كشف الوجه برأيي مرادف للتحرر من أحد أعتى قيود المجتمع الذكوري وتسلطه على المرأة وأقساها، كونه قيداً يطاول هويتها». وبحسب الإعلامية والكاتبة نجاة باقر فإن «أي امرأة تقوم بكشف وجهها لا ترتكب خطأ، لأنها ستكون معروفة بين الناس لذلك فهي تحترم نفسها وتحترم اسم عائلتها أكثر ولكن لو كانت منقبة أو مبرقعة فمن سيعرفها لو أخطأت؟». وعلى رغم أن غالبية سكان السعودية يعيشون في إطار مذهبي فقهي واحد إلا أن اختلافاً يلاحظ بين مناطق المملكة ومدنها في طريقة ارتداء الحجاب، وتحديداً في غطاء الوجه، فأبناء بعض المناطق يرون أن كشف الوجه طبيعي وحق للمرأة كون وجهها يعبّر عن هويتها، بينما يعتبر التصرف ذاته في مناطق أخرى «شاذاً ومستغرباً وغير مألوف».وفى هذا الصدد، ترى النصر أن المجتمع السعودي متعدد الأطياف، «والجميع يعرف أن المناطق تختلف عن بعضها جغرافياً وبيئياً وتاريخياً، ما ينعكس على طبيعة سلوكيات أهلها وأفكارهم وقناعاتهم». وتضيف: «المحصلة هي أن السعودية كباقي المجتمعات العربية، فيها أطياف إنسانية أكثر نضجاً في تعاملها مع المرأة وأطياف أخرى لا تزال تنظر اليها وكأنها الكائن الوحيد الذي لديه جسد!».أما باقر فتؤكد الاختلاف في مناطق المملكة لجهة الحجاب وكشف الوجه تحديداً، وذلك بحسب العائلة والمنطقة، «فمثلاً في غرب السعودية الغالبية من النساء يكشفن وجوههن» . وتضيف: «هذه هي حريتها الشخصية وتتم بموافقة ولي أمرها»، موجهة حديثها لمن يرفض كشف الوجه: «نحن عندما نصلي أو نحج لا نغطي وجوهنا ولا نلبس نقاباً ولا برقعاً».وعن موقف المؤسسة الدينية اشارت باقر إلى أن الأخيرة باتت أكثر تشدداً، وقالت: «الأمر بتغطية الوجه لم يكن في السابق بطرق متشددة ومفروضة كما يحدث الآن». بينما ترى النصر أن المؤسسة الدينية «موجودة وستبقى في قلوب شعب متدين أكثر من أي مكان آخر». وتستطرد: «كوننا نعيش في القرن الـ21 تفتحت أذهان الناس وأصبحوا أكثر وعياً ودراية بمفهوم الحقوق، وأضحوا يرفضون العنف الموجه للمرأة باسم الدين، وبتنا نشهد من داخل المؤسسة الدينية وكبار مشايخها أجيالاً تنتقد آباءها، وترفض التفسيرات المتشددة حول أمور كثيرة من ضمنها دور المرأة وأهليتها». وتتابع: «وضعت دورات تدريبية وتأهيلية لرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كي يتعاملوا مع الناس بالحسنى في إرشادهم ونصحهم بالتي هي أحسن».وعن رؤيتها لـ «المسؤول عن حجاب المرأة»، قالت أن من النساء من تختار الحجاب طواعية، ومنهن من ترتديه غصباً وعن غير قناعة.بينما ترى باقر أن المسؤول عن فرض حجاب المرأة وتغطيتها لوجهها هو «المرأة نفسها وعائلتها فقط»، مبدية استغرابها لمنتقدات السلوك جراء كشفها لوجهها. وقالت: «واجهت نقداً لم يكن صادراً من رجال الدين بل من بعض السيدات اللاتي قمن بإسداء النصح الي».