شاب 73 يتمنى عودة الحرب وشاب 2010 "عايز بنت حلوة

الأحد، أكتوبر 17، 2010

دينا مصطفى -أحيانا تصنع المصادفة ، ما لا يمكن ترتيبه بسهولة، فقد شاء القدر أن ألتقي في أسبوع واحد بشخصين يحملان الاسم نفسه، وبينهما 37 عاما -هي بالضبط السنوات التي مرت منذ انتهاء حرب أكتوبر-، لكن الفارق بينهما قد يكون هو الفارق بين تمني عودة أيام الحرب - كما قال سامي المنشاوي (60عاما)أحد أبطال العبور-, وبين سامي أحمد (23 عاما)الشاب الذي تنحصر أمانيه في التعرف على "بنت حلوة" . 
كان سامي المنشاوي (60 سنة ), أحد رجال سلاح المظلات في حرب أكتوبر عام 1973, وهو يرى أن "الجيش ضريبة دم ، ومن يتهرب من الجيش يعتبر خائنا, ولا يستحق حتى أن يتنفس الهواء على أرض هذا الوطن". 
ويفتخر الحاج "سامي" بفترة تجنيده في الجيش, التي بدأت في السبعينيات خلال حرب الاستنزاف، وكانت أمنيته أن يلتحق بالقوات الخاصة في الجيش، وأراد الله أن يحقق له أمنيته فالتحق بـ"الصاعقة", بعد أن اجتاز الكشف الطبي الخاص بها. 
كان "الوحش" ـ كما كان ينادي جنود الصاعقة بعضهم -, يعشق روح الفريق الموجودة في الفرقة ,التي كان ينتمي إليها ، ويقول إنهم (هو ورفاقه البواسل) لم يتذكروا الموت في أثناء الحرب, وعندما نتذكره نتمنى أن ننال الشهادة ولم نخش الموت أبدا ، ولذلك حاربنا ونحن على قلب رجل واحد , لأن "الموت لا يأتي للإنسان الجبان". 
سامي أحمد (23 سنة) يحب وطنه مصر بشدة - كما يقول - , لكنه مع ذلك تهرب من الجيش, ولم يتم فترة التجنيد، ويقول :" أنا مبحبش حد يتحكم فيا, وبصراحة أنا مش واخد على البهدلة، وطالما البلد بخير وليست محتلة وإحنا عايشين فمفيش مشكلة"؟ 
كل ما يشغل بال سامي الذي أنهى دراسة في معهد فوق متوسط "أنزل أروش مع أصحابي وأشوف بنت حلوة أخرج معاها"، بالإضافة إلى أنه يفكر بعد فترة, في أن يتزوج, ويتحمل مسئولية أسرة مثل أي شاب في عمره. 
عندما كان الحاج " سامي المنشاوي " يبلغ من العمر 23 عاما قامت حرب أكتوبر، وكان كل ما يشغل باله هو أن يخدم بلده, ويعيد إليها الأرض ويأتي بالنصر.. وكان يخشى أن يتكرر ما حدث فى حرب 1967 من "عار" ,لكن مشاركته في حرب أكتوبر هي "أقصى شرف يتمناه أي مصري". 
بسؤال سامي "شاب العشرينات" عن مدى معرفته بحرب أكتوبر, أجاب قائلا: " طبعا حاجة لذيذة .. لكنني لا أهتم بها, لأنني بصراحة لا أعرف عنها شيئا .ولا أتذكر حرب أكتوبر, إلا عندما تبدأ قنوات التليفزيون في عرض الأغاني والأفلام الوطنية" ، فهو لا يعلم حتى إن ذكرى هذا اليوم العظيم في السادس من أكتوبر . 
يرى "سمسم" كما يناديه أصدقاؤه أن ذكرى حرب أكتوبر, مجرد تاريخ مر عليه عدد من السنوات, أي أنه أصبح "شيئًا بلا فائدة هذه الأيام", ويضيف: " بدل ما أفكر في التاريخ والحرب, أفكر في البنات الحلوة وشغل يجيبلي فلوس وبس". 
رغم أن ذكرى حرب أكتوبر لا تمثل أي شيء بالنسبة للشاب "سمسم", لكنها بالنسبة لـ "سامي المنشاوي"ـ الذي حارب في منطقة الدفرسوار ـ هي كل حياته ، فعندما تضيق الدنيا به، بسبب أي ظرف, فإنه يتذكر أيام الحرب ورفاق السلاح الذين استشهدوا أمامه أو الذين نجا معهم من الموت، ويتمنى أن تعود هذه الأيام مرة أخرى، بكل ما فيها من كرامة وانتصار. 
عن مدى استعداده للتضحية من أجل وطنه -الذي قال إنه يحبه بشدة-, قال"سمسم" في سخرية : "يعنى لو أنا اللي حاربت ولا ضحيت عشان بلدى هجيبلها النصر ..هو أنا هصلح الكون ". 
يكمل سامي ـ الذي يرتدي بنطلون ساقط ـ: "بس لو اضطريت للحرب هحارب وخلاص, يمكن استشهد ,عشان بيقولوا إن اللي يموت شهيد, تتمحي كل السيئات اللي عملها في حياته". 
وعن شباب 2010 ,يقول الحاج سامي إن بعض الشباب في هذه الأيام أصبح لا حول له ولا قوة, كل ما يهمه هو أنه " يحط جل ويروش مع أصحابه"، فهذه الفئة من الشباب, لا يمكن أن تحارب ولا تدافع عن أرض مصر, ومن لا يستطيع أن يدافع عن أرض بلده, لا يمكن أن يدافع عن أهله ولا عرضه، ويستطرد "فيه شباب مكافح في البلد بس مش واخدين حقهم". 
يتذكر المنشاوي بتأمل "لا يمكن أن يتكرر رجال أكتوبر مرة أخرى..زمان كانت صرخة (الله أكبر) في لسان العسكري ترهب العدو". 
ما زال الحاج "سامي" الذي أنهى خدمته في شركة النصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى يعشق أرض هذا الوطن بشدة، ومازال لديه الاستعداد ليضحى في سبيلها حتى الآن.. قائلا: "لو الزمن يرجع بيا تاني هحارب ومش هخاف لا من موت ولا من عدو". (الاهرام)

=============================