تأثر القطاع الصناعي في دول الخليج جرَّاء الأزمة المالية العالمية

الأحد، يوليو 25، 2010

تركت الأزمة المالية العالمية تأثيرات متفاوتة على اقتصادات مختلف بلدان العالم، وفي الوقت نفسه، تأثيرات مماثلة على مختلف القطاعات في الاقتصادات العالمية كل على حدة.
ولم تستثن هذه التأثيرات القطاعات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ضمنها قطاع الصناعات التحويلية الذي كان قد حقق معدلات نمو سريعة ومرتفعة خلال سنوات العقد الجاري.
وتشير البيانات الصادرة عن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي إلى تضاعف حجم الصادرات الصناعية لدول المجلس في الفترة ما بين عامي 2004 و2008، إلا أن وتيرة هذا النمو في الصادرات الصناعية الخليجية خفت حدتها بسبب الأزمة المالية العالمية، ففي الوقت الذي ارتفع فيه حجم الصادرات الصناعية في العام 2005 بنسبة 25 في المئة مقارنة بالعام 2004، فإن نسبة هذا الارتفاع تراجعت إلى نسبة 8 في المئة في العام 2008 مقارنة بالعام 2007.
وعلى رغم عدم توافر بيانات نهاية للعام 2009 حتى الآن، إلا أن تقلص أرباح الشركات الصناعية المدرجة في الأسواق الخليجية، كشركة «سابك» وصناعات قطر على سبيل المثال تشير إلى انخفاض أحجام صادرات الصناعات الخليجية عموماً. ومع ذلك، فإن تأثيرات الأزمة المالية العالمية على قطاع الصناعات التحويلية خصوصاً وعلى الاقتصادات الخليجية عموماً ظلت محدودة؛ إذ استطاعت دول المجلس توفير التمويلات اللازمة لاستكمال المشاريع الصناعية التي سبق وأن أعلنت في السنوات السابقة، بما فيها بعض الصناعات الكبيرة العاملة في قطاع الألمنيوم والبتروكيماويات ومنتجات النفط.
وفي هذا الجانب، فقد أدى ارتفاع أسعار النفط مجدداً وتمحورها حول معدلات مرتفعة تراوحت ما بين 65 و 70 دولاراً للبرميل في المتوسط إلى قيام دول المجلس بإمداد الأسواق المالية بالسيولة اللازمة من جهة وإلى توفير التمويل الخاص باستكمال المشاريع الصناعية من جهة أخرى.
ويعتبر ذلك بحد ذاته تطوراً إيجابياً ساهم في استقرار قطاع الصناعات التحويلية في دول المجلس وفي سرعة استعادة نموه الطبيعي، وذلك على العكس من الصعوبات التي عانت منها القطاعات الصناعية في بقية بلدان العالم، وخاصة في الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي.
وإلى جانب عمليات ضخ السيولة، فإن هناك بعض التطورات الايجابية التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية والتي أتاحت فرصاً مهمة لتنمية قطاع الصناعات التحويلية وزيادة حجم الصادرات الصناعية في دول المجلس؛ إذ تأتي قضية انخفاض تكاليف إقامة مشروعات صناعية جديدة على رأس هذه التطورات الايجابية.
وإذا ما تم مزج هذين العاملين المتمثلين في ارتفاع أسعار وعائدات النفط وانخفاض تكاليف إقامة المشاريع الصناعية، إلا أن الأزمة المالية العالمية تكون قد هيأت ظروفاً مناسبة لتنمية قطاع الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي.
لذلك، فإن هذه الظروف تتيح إمكانات كبيرة أمام القطاعين العام والخاص للبدء في إقامة المزيد من المشاريع الصناعية التي يمكن أن تساهم في زيادة وتأثر النمو وتنويع مصادر الدخل في دول المجلس، وخاصة بعد التسهيلات الجديدة التي قدمت للمستثمرين في نطاق مجلس التعاون الخليجي.
وإلى جانب إقامة مشاريع جديدة، فإنه تتوافر فرص مجدية لعمليات استحواذ في القطاع الصناعي في البلدان المتقدمة مماثلة للفرص المجدية في القطاعات الأخرى كالقطاع العقاري؛ إذ استحوذت بعض دول المجلس على مشاريع عقارية كبيرة في البلدان الغربية في الأشهر القليلة الماضية، وخاصة في العاصمة البريطانية (لندن).
وبالإضافة إلى مستجدات الأزمة المالية العالمية والتي يمكن تسخيرها لتنمية الصناعات التحويلية، فإن المعطيات الموجودة على أرص الواقع خليجيا، وخاصة وجود السوق الخليجية المشتركة ستساهم بدورها في الدفع باتجاه إيجاد المزيد من الفرص والحوافز التي يمكن استغلالها لتطوير القطاع الصناعي في دول المجلس، سواء على مستوى كل دولة على حدة أو من خلال إقامة مشاريع خليجية مشتركة.
وإذا كانت دول المجلس تعتبر من أقل البلدان تأثراً بالأزمة المالية العالمية كما أشارت إلى ذلك العديد من التقارير والدراسات المحلية والعالمية بما فيها دراسات مصرف الإمارات الصناعي، فإن مثل هذه التوجهات التي تمت الإشارة إليها في هذه الدراسات يمكن أن تساهم في سرعة تعافي الاقتصادات الخليجية والتي بدأت بالفعل مسيرة التعافي من تداعيات الأزمة المالية قبل غيرها من الاقتصادات العالمية التي عانت كثيراً من جراء هذه التداعيات.
من خلال ذلك يمكن تفادي هذه الترسبات السلبية للأزمة المالية العالمية على قطاع الصناعات التحويلية، بما في ذلك انخفاض معدلات نمو الصادرات الصناعية مع تسخير مستجدات الأزمة لتنمية هذا القطاع الحيوي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة في السنوات المقبلة....صحيفة الوسط البحرينية

===========================