المدونات المصرية تتمخض عن أول راديو للمطلقات في العالم

السبت، مارس 20، 2010



المدونات المصرية تتمخض عن أول راديو للمطلقات في العالم


أصبحت المدونات في مصر فضاء للتعبير على مختلف مستوياته الخاصة والعامة، حتى يشكل في مجمله قراءة لما يجري داخل الفضاء الاجتماعي وما يتجلى فيه من قضايا ومشكلات وأزمات، وقد احتل المستويين السياسي والاجتماعي المساحة الأكبر من هذا الفضاء، ربما لأن السياسة أصبحت هماً أساسياً من هموم المصري، مثلها مثل الهم الأسري الاجتماعي.
ولأن الشباب يمثلون النسبة الكبرى في أصحاب المدونات، كان طبيعياً أن يعبروا عن قضاياهم وهمومهم الشخصية أولا ثم العامة في المرتبة الثانية، فخرجت مدونات تحمل أحلام هؤلاء الشباب وتكشف عن أزماتهم وهمومهم مثل مدونة "أنا عاوزه أتجوز"، "أنا عاوزه أتطلق"، "مدونة ميت"، "مدونة هجايص"، "حبل غسيل"، "المجنون"، "الوعي المصري"، "تخاريف"، "أنا أحتج"، "أنثى"، "غواية".
الجديد في الأمر أن تتحول المدونات إلى إذاعات إلكترونية تعبر عن نفس أفكار المدونات، فأخيراً أطلقت صاحبة مدونة "أنا عاوزه أتطلق" إذاعة "مطلقات راديو" تحت شعار "شوفوا الحياة بنظرة مختلفة".
والجميل أن صاحبة الإذاعة الشابة المصرية "محاسن صابر" تكسر بمدونتها ثم إذاعتها نظرة المجتمع الشرقي إلي المطلقات، هذه النظرة التي تملأها الشكوك، حيث يعتبر المجتمع الذكوري المطلقة خطراً يهدد المجتمع وعار يصيب من يقترب منها، الأمر الذي يدفعها إلى العزلة وما يترتب عليها من أمراض نفسية.
هذه الإذاعة الإلكترونية تبث أثيرها عبر شبكة الإنترنت، عبر برامج جريئة منها "من تحت سريري" الذي يناقش المشكلات العاطفية التي تتعرض لها المطلقة، وذلك بالاشتراك مع اختصاصيين نفسيين، و" طليقك على ما تعوديه" الذي يوضح للمطلقة طريقة التعامل مع طليقها بما هو لائق لها أولا ثم لأولادها ولطليقها، و"ابنك على ما تربيه" وهو عن أبناء الطلاق ومشكلاتهم الخاصة، "يا مفهومين بالغلط يا إحنا" وهو أعلى البرامج إقبالاً من جانب الجمهور حيث يناقش فيه الضغوط والمضايقات التي تتعرض لها المطلقة في حياتها اليومية، وبرنامج "قبل ما تقولي يا طلاق" وهو يخاطب المتزوجات لتجنب وقوعهن في الأخطاء التي سبق وأن وقعت فيها المطلقات.
الراديو أيضا يخاطب الرجال فهناك برامج خاصة بالرجال المطلقين مثل برنامج "يوميات مطلق"، والذي يقدمه شاب عاش تجربة الطلاق ولديه طفل، ويقدم من خلاله نصائح رجالية خالصة لكل سيدة تعاني في التعامل مع زوجها، ليعطيها مفاتيح قد تكون غائبة عن عقلها في التعامل معه.
الإذاعة وليدة معاناة حقيقية لتجربة طلاق، فـ"محاسن صابر" التي تبلغ من العمر ثلاثين عاماً، تعرضت لتجربة الزواج والإنجاب ثم الانفصال، مما حفزها لتخطي مشكلتها، فعملت على إيصال صوت المطلقات للمجتمع وتغير نظرة الناس لهن، وتصحيح مفاهيم مغلوطة عنهن، وأيضاً معالجة المشاكل النفسية للمطلقة بعد الانفصال.
تقول محاسن "انتظرت لمدة أربع سنوات لكي أحصل على شهادة الطلاق من زوجي، عانيت خلالها من التردد على قاعات المحاكم، وذات يوم وبعد طلاقي، كنت أتكلم مع زميل في العمل، وإذ بمديري يستدعيني للفت انتباهي إلى أنني أصبحت في عداد المطلقات، قائلاً: لا يجب أن تتكلمي مع الرجال وخاصة في العمل وأمام الزملاء، لأنك الآن في وضع حساس للغاية، بالرغم من أنني كنت أتكلم معه ونحن في مكان عام جداً، وحوارات غير شخصية بالمرة بل تدخل في صميم العمل، ولكن فكرة أن المطلقة عرضة للانحراف والخطأ هي ما أظن دعته لقول شيء كهذا، ومن هنا جاءتني فكرة تصحيح مثل تلك الأفكار الخاطئة عن المطلقة خاصة أن المجتمع المصري يشهد وجود امرأة مطلقة كل 6 دقائق".
ولارتباطها باستخدام الإنترنت فكرت محاسن أن تكون فكرتها من خلال هذا الوسيط الإلكتروني، فقامت بإنشاء مدونة شخصية "بلوج" لتحكي من خلال التدوين عليها "البوست" عن معاناتها في طلب الطلاق، ولتصحيح صورة المرأة المطلقة في المجتمع وصورة المرأة التي تطلب الطلاق وأنها لا تطلب غير حقها الشرعي، بالإضافة لعرض طموح وأحلام ومشاكل المرأة المطلقة في المجتمع الشرقي الذي نعيش فيه، وأن المطلقة ليست وصمة عار في المجتمع.
وبعد أربعة أشهر من إطلاق المدونة طرح أحد المدونين خلال أحد هذه النقاشات فكرة وجود مادة مسموعة على نفس المدونة، وبالفعل استجابت محاسن للفكرة منذ شهر أغسطس/آب عام 2009، لتجتذب المادة الصوتية الكثير من جمهور الإنترنت وصلوا في أحدها إلى 8 آلاف مستمع، ثم جاء تطوير الفكرة بوجود إذاعة مستقلة تخصص مادتها للمطلقات، تقول: "المصريون يحبون الاستماع أكثر من القراءة، كما أننا نتحدث عن قضية ثقيلة ولا يقبل عليها إلا فئة تهوى القراءة وبالتالي تكون المادة الصوتية أسهل وتصل إلى فئات متعددة".
ويستهدف "مطلقات راديو" فتح نافذة جديدة للمطلقات للتعبير عن أنفسهم وعرض مشاكلهم، ويساندهن للخروج من حالتهن النفسية المصاحبة للانفصال، ويعدل نظرة المجتمع ونبذه للمطلقة التي تتعرض لضغوط ومعاملات اجتماعية واقتصادية ونفسية سيئة بصورة يومية، كما يعمل الراديو على تقديم النداء لعدم التسرع في طلب الطلاق وكيفية إعادة الاتزان للحياة الأسرية.
والأهداف يتم تقديمها من خلال العديد من البرامج والحوارات واللقاءات التي تستعين باستشاريين قانونيين، وأطباء نفسيين، وأخصائيي علم اجتماع، وخبراء بمجال تربية الأطفال، وكلهم متطوعون للعمل من خلال عرض برامجهم الخاصة وتجاربهم في الحياة.
تقول محاسن "البرامج منها ما يبث على الهواء ومنها ما هو مسجل، والأخيرة يتم بثها من منزلي الخاص، والحمد لله فمع أول يوم للبث كان عدد المستمعين 12 ألف مستمع، ويتزايد العدد بصورة يومية، فالأفكار التي يطرحها الراديو تلقى تجاوباً، وكثير ما يخبرني الناس أنهم غيروا فكرتهم عن المطلقة بعد أن استمعوا للبرامج، وما يزيد من نجاح الراديو أنه استطاع اجتذاب عدد كبير من الدول العربية والأجنبية منها السعودية، لبنان، كولومبيا، روسيا، بولندا، وقريبا ستكون هناك برامج تبث من السودان والمغرب، كما تلقى مجموعة الراديو على موقع الفيس بوك إقبالا كبيراً وهناك أكثر من ألفي عضو وعضوة بها حتى اليوم، ينتمون لعدد كبير من الدول بما يعني أن الإذاعة لم تعد محلية فقط ولا إقليمية ولكن عالمية".
توضح محاسن أنها سواء تزوجت ثانية أو لا ستظل الإذاعة قائمة معللة ذلك "أنا أناقش في الإذاعة قضية عامة تحدث بالفعل ولا تنتهي من المجتمع، فالإذاعة ليست لمحاسن فقط، بل لكل امرأة قد تعاني من الطلاق، وسواء تزوجت أم لا ستظل الإذاعة باقية". \ميدل ايست اونلاين \القاهرة ـ من محمد الحمامصي \
=========================================