كيف تساعد السلطة الفلسطينية الاحتلال؟ هى و«إسرائيل» لديهما مصلحة في إبقاء الوضع الراهن

السبت، مارس 06، 2010

كيف تساعد السلطة الفلسطينية الاحتلال؟


جيسي روزنفلد ترجمة/ شيماء نعمان\منذ «الكارثة الدبلوماسية» التي وقعت فيها السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بتقرير جولدستون، وقد تحول مسارها إلى الاتجاه المعاكس؛ فقد أصدرت سيلاً من بيانات الإدانة ضد الاحتلال «الإسرائيلي» والخطب المنمقة الداعية إلى العدالة الفلسطينية.بالرغم من ذلك، فإن الصلات المشتبهة بين قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية واغتيال القيادي في حركة حماس «محمود المبحوح»، وكذلك تعزيز التعاون بين امن السلطة الفلسطينية والجيش «الإسرائيلي» في الضفة الغربية، جميع ذلك يعكس واقعًا شديد الاختلاف بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت نير الاحتلال.وقد زادت عمليات التوغل «الإسرائيلي» في أراضي السلطة الفلسطينية منذ الصيف الماضي؛ مستهدفة مدينة رام الله بضربات على نحو منتظم خلال الشهور القليلة الفائتة من أجل اعتقال عناصر من قادة المقاومة الشعبية ونشطاء التضامن الدولي ومداهمة مكاتب حركات أساسية مناهضة للاحتلال. وبالرغم من أنه من المستحيل عادة أن تذهب إلى أبعد من حاجزين في المركز السياسي الفلسطيني بالضفة الغربية دون رؤية قوات السلطة الفلسطينية المسلحة، إلا أنه عندما يدخل «الإسرائيليون» إلى المدينة، تصدر أوامر للأمن بالعودة إلى ثكناتهم؛ ولا تعثر لهم على أثر. وقد شهدت ذلك بنفسي مرات لا تحصى عندما كنت أُقيم في رام الله.في الوقت نفسه، فقد استؤنفت عمليات الاغتيال التي ينفذها الجيش «الإسرائيلي» بحق المقاومة في نابلس في السادس والعشرين من ديسمبر الماضي؛ حين قُتل ثلاثة رجال ينتمون لحركة فتح بدم بارد بينما تواطأت قوات السلطة الفلسطينية مع الجيش «الإسرائيلي» ولم يظهر لهم أي أثر. ونقلت وكالة «معًا» الإخبارية عن «سامي أبو زهري»، المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، تكهناته بأن هناك تورطا من جانب السلطة الفلسطينية في عملية الاغتيال تلك، مؤكدًا على ضرورة «دعم المقاومة وليس التآمر ضدها».وقد ظلت قيادة حركة فتح التي تدير السلطة الفلسطينية ترفض تقديم التنازلات اللازمة لتحقيق الوحدة الوطنية، بينما وفي الوقت نفسه تواصل قوات الأمن التابعة لها (ذات التدريب الغربي والأردني) اعتقال وتعذيب هؤلاء المرتبطين بالمقاومة، وخاصة من لهم صلات بحركة حماس. وقد أبدت مؤخرًا المؤسسة السياسية في رام الله اهتمامًا أكبر بالإبقاء على الدعم الغربي أكثر من اهتمامها بإيجاد حل لحالة الانقسام الداخلي وقيادة جبهة مقاومة موحدة ضد الاحتلال.وفي الواقع، يبدو أن الدول الغربية التي تدعم «إسرائيل» وتطالب «محمود عباس» -رئيس السلطة الفلسطينية- بالعودة إلى طاولة المفاوضات هي نفسها التي تغض الطرف عن عمليات الاعتقالات والتعذيب غير الشرعية.وبحسب «وسام أحمد»، وهو مسؤول دفاع بمنظمة الحق (فرع الضفة الغربية) التابعة لـ»المفوضية الدولية للحقوقيين»، فقد تم إبلاغ كلاً من السلطة الفلسطينية والمسئولين الأمريكيين بشأن ممارسات الاعتقال السياسي والتعذيب غير الشرعية واسعة النطاق التي يقوم بها أمن السلطة الفلسطينية، وبالرغم من ذلك ظلت مستمرة.وقال أحمد يوم 21 ديسمبر إن «بعض مصالح الأطراف الأخرى تختلف عما نشعر أنه في صالح تأمين وحدة وطنية فلسطينية. إن اهتمامهم الرئيسي هو ضمان استمرار الوضع الراهن دون أي تغيير».وهو وضع راهن يستوعب تغييرات ظاهرية فقط، بشرط عدم وجود تغيير حقيقي في العلاقات والتنسيق على الأرض. وبغض النظر عما إذا كانت المحادثات الرسمية مستمرة أم لا، فالسلطة الفلسطينية تتحرك في حوار وتنسيق متواصل مع الاحتلال «الإسرائيلي».وعندما تحدثت الشهر الماضي مع «خالدة جرار»، ممثلة شئون الأسرى بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نددت جرار باستمرار الاعتقالات السياسية للفلسطينيين على أيدي السلطة وتمسكها بالتنسيق الأمني مع «إسرائيل». وقالت في إشارة إلى عمليات القتل التي شهدتها نابلس في ديسمبر الماضي أن: «الاغتيالات هي مثال واضح للسبب الذي يجعل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) لديها سياسة تطالب السلطة الفلسطينية بإنهاء عمليات التنسيق الأمني».وأكدت جرار أن كلاً من التنسيق الأمني والاعتقالات السياسية ما هي إلا جزء من امتثال السلطة الفلسطينية لخارطة الطريق التابعة للمجموعة الرباعية. وقالت: «إننا كفلسطينيين لدينا الفرصة لمراجعة مفاوضاتنا مع «إسرائيل»، كما أن التنسيق الأمني معها ينبغي أن يتوقف. ينبغي أن يكون لدينا مراجعة سياسية شاملة للعملية؛ وهذا يعني المطالبة بتطبيق القرارات الدولية وإعادة إطلاق المقاومة الشعبية»، موضحة البديل الذي تراه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فيما يتعلق بالممارسات الحالية للسلطة الفلسطينية.وبينما نفذت جرار وحزبها الماركسي إلى المشاعر العامة في شوارع الضفة الغربية، فإن مفاتيح القوة التي تقع في أيدي الدول الغربية قد أبقت عباس واقفًا على قدميه ماليًا وعسكريًا. في الوقت نفسه، فإن «إسرائيل» تعترف بأهمية وجود شريك بوليسي في الضفة الغربية يُغذي الانقسام الداخلي الفلسطيني، ويدعم الخطب المنمقة التي تمرر من فوق الحائط.وبغض النظر عما يُطالب به الفلسطينيون، فإن السلطة الفلسطينية و»إسرائيل» لديهما مصلحة في إبقاء شكل من أشكال الوضع الراهن وفي أن يؤدي كلاً منهما دوره في إدارة الاحتلال.* جيسي روزنفلد: صحفي كندي يقيم بمدينة يافا ويعمل في «إسرائيل» منذ عام 2007 - صحيفة الجارديان - السبيل -
==========================================================