العلاقات التركية الأمريكية في مهب الريح

الأحد، مارس 07، 2010


العلاقات التركية الأمريكية في مهب الريح


عواصم - وكالات: ذكرت تقارير صحفية ان موافقة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، أمس الأول، على قرار باعتبار "المجازر" التي ارتكبت ضد الأرمن في العام 1915 في عهد العثمانيين "إبادة"، اثارت غضب الاتراك ووضعت العلاقات التركية الأمريكية في مهب الريح بعدما هددت أنقرة بإغلاق قاعدة "انجيرليك" الأمريكية .
وكانت لجنة الشؤون الخارجية قد صوتت بغالبية 23 عضواً ضد 22 لمصلحة مشروع قانون رقم 252 يصف مذبحة تعرض لها الأرمن عام 1915 على أيدي القوات التركية بالإبادة الجماعية، ويطلب من الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يستخدم رسمياً هذا المصطلح في خطابه السنوي الذي سيلقيه بهذا المناسبة في شهر أبريل/نيسان المقبل.
وعقب تصويت اللجنة، استدعت الخارجية التركية، سفيرها لدى واشنطن ناميك تان للتشاور، حسبما أوضح وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، الذي لفت أيضاً إلى أن السفير الأمريكي لدى أنقرة جيمس جيفري هو حالياً في وزارة الخارجية التركية.
أما ردة الفعل الأقوى فكانت من جانب الرئيس التركي عبد الله جول، الذي أصدر بياناً اعتبر فيه أن القرار غير منطقي ومؤسف. وقال إن "القرار لن يجد له أي اعتبار لدى الشعب التركي". واعتبر أن القرار لا يليق بالعلاقات التركية الأمريكية، وسيلحق الضرر بالجهود الرامية إلى خلق علاقات من الصداقة البناءة بين الشعبين التركي والارمني وبالاستقرار والسلام في جنوب القوقاز.
ونقلت صحيفة "السفير" اللبنانية عن جول: "مثل هذا القرار فيه إساءة للتاريخ وللمعرفة التاريخية"، موضحاً أن تركيا لن تكون مسؤولة عن النتائج السلبية التي يمكن لهذا التصويت أن يسببها في كل المجالات.
أما ردة الفعل الرسمية التركية الأولى فلم تأت من وزارة الخارجية بل في بيان من رئاسة الحكومة، وفيه إدانة للقرار واتهام الإدارة الأمريكية "بقصر نظر رؤيتها الإستراتيجية".
وشدد البيان على أن "الحكومة تدين القرار الذي يتهم الأمة التركية بما لم ترتكبه"، معتبراً أن القرار اتخذ من دون الأخذ في الاعتبار وجهات النظر التاريخية المختلفة حول الموضوع.
وحذرت الحكومة من أن "القرار يمكن أن يفتح أمام نتائج لا ترغب بها تركيا". وأضاف البيان إن "تركيا تشعر بالقلق من احتمال تعرض العلاقات التركية الأميركية للضرر، كما جهود التطبيع مع أرمينيا، معتبراً أن القرار إشارة إلى «نقص في الرؤية الإستراتيجية الأميركية" وما قد تتركه من سلبيات على الشراكة بين البلدين.
وقال وزير الخارجية احمد داود اوغلو، في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس، إن تبني اللجنة النيابية الأمريكية لهذا القرار، يثبت أن الإدارة الأمريكية "لم تتدخل بشكل كاف" لمنع ذلك، موضحاً أن أنقرة "منزعجة للغاية" من التصويت.
وأضاف في مؤتمر صحافي في أنقرة، "ننتظر من الإدارة الأمريكية أن تبذل من الآن جهوداً أكثر فاعلية" لمنع التصويت على النص في جلسة عامة. وتابع "نأمل ألا تتعرض العلاقات التركية الأمريكية لاختبار جديد، وإلا فان الآفاق التي نواجهها لن تكون ايجابية".
وأوضح أن أنقرة ستبحث اتخاذ إجراءات محتملة ردا على القرار الأميركي، لافتا إلى أن المشاورات مع سفيرها "قد تستغرق وقتاً طويلاً"، إلا انه حذر من أن هذا النص لا يمكن في أي من الأحوال أن يستخدم كورقة ضغط على تركيا في جهودها لتطبيع علاقاتها مع أرمينيا.
وقال "نحن عازمون على المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع أرميــنيا"، لكنه اعتبر بأن تصديق البرلمان التركي على اتفاقات السلام معرض للخطر.
وعما إذا كانت أنقرة تفكر في خطوات للرد، قال داود أوغلو "هذه مسألة كرامة وطنية بالنسبة لنا. سنتحدث مع رئيسنا ورئيس وزرائنا، لكن من المبكر للغاية الحديث عن إجراءات محددة".
وأعلنت الحكومة الأمريكية أنها تحركت لنزع فتيل أزمة محتملة مع تركيا بإبلاغ رئيس اللجنة هوارد بيرمان أن التصويت لمصلحة مشروع القانون من شأنه أن يضر بالجهود الرامية لتطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا، وأن يلحق الضرر بالعلاقات الأميركية التركية، حسبما أكد المتحدث باسم البيت الأبيض مايك هامر، موضحاً أن أوباما اتصل هاتفياً بالرئيس التركي لحثه على التصديق بسرعة على بروتوكول لتطبيع العلاقات بين أنقرة ويريفان.
وقال السفير الأمريكي لدى أنقرة جيمس جيفري، بعد خروجه من وزارة الخارجية التركية، إن اوباما وكلينتون يرفضان نقل القرار لمناقشته في الكونجرس للمصادقة عليه وأنهما سيعملان من أجل منع المصادقة النهائية عليه.
وفي اسطنبول وأنقرة، تظاهر مئات الأتراك تنديداً بالقرار الأمريكي وهتفوا "اللعنة على الامبريالية الأمريكية" و"لم نرتكب إبادة، لقد دافعنا عن وطننا".
وكان داود اوغلو انشغل أمس الأول في متابعة التطورات ودراسة كل الاحتمالات، وعقد لقاء مطولاً مع رئيس الحكومة رجب طيب اردوجان. وذكرت صحيفة "زمان" إنه تم طرح جميع الخيارات، بما فيها إغلاق قاعدة انجيرليك أمام النشاطات الأمريكية.
ووصف وزير خارجية أرمينيا ادوارد نالبنديان القرار بأنه خطوة مهمة في "اتجاه منع الجرائم ضد الإنسانية، ومظهر من مظاهر ارتباط الشعب الأمريكي بقيم حقوق الإنسان العالمية"، فيما اعتبر مستشار رئيس اذربيجان علي حسنوف أن "هذا القرار الأحادي الجانب تمّت الموافقة عليه بضغط من أعضاء الكونجرس المؤيدين للأرمن. وهو يخالف مصالح الولايات المتحدة ومصالح الشعب الأمريكي". \محيط
========================================================