محنة اللاجئين العراقيين في سوريا ولبنان
يعيش أكثر من مليوني شخص من اللاجئين العراقيين في دول الشرق الأوسط وسط وضع إنساني صعب. فهم لا يملكون حق العمل أو التنقل ولا يتمتعون بوضع قانوني في الدول التي يعيشون فيها. فهل العودة إلى العراق هي الحل المناسب لهؤلاء اللاجئين ؟
انتهت فترة الازدحام لهذا اليوم أمام شبابيك مكاتب الأمم المتحدة المخصصة للاجئين العراقيين في دمشق. ولم يبق إلا البعض منهم في الانتظار ومن بينهم هناء وهي مسيحية عراقية في الـ39 من العمر. وصلت هناء سوريا لأول مرة عام 2003 هاربة من "الاعتقالات والتفتيش وعمليات القتل اليومية"، ورجعت إلى العراق بعد خمس سنوات من الهجرة ولكنها لم تستطع البقاء في بغداد إلا بضعة شهور وعادت من جديد إلى دمشق.
تتحدث هناء عن الوضع في بغداد و تقول إنه "مغاير تماما لما يقال وينشر. الانفجارات وعمليات الخطف والتهديدات متواصلة والكهرباء مقطوعة على مدار الساعة والقطاع العام غائب". وتضيف هناء بأن أخيها قد ترك العاصمة بغداد التي كان يسكنها وانتقل إلى شمال البلاد بحثا عن الهدوء.
"الرجوع إلى العراق : هذا أمر مستحيل" تواصل هناء الحديث مؤكدة بأن العودة إلى العراق أمرا مستحيلا بالنسبة لها لأن ما شاهدته هناك لا يمكن قبوله وأنها تنتظر القليل من الإعانة من صندوق الأمم المتحدة للاجئين وتضيف قائلة إن "معنوياتها تحت الصفر" الآن.ويعتبر مركز "دوما" الذي فتح أبوابه عام 2007 أكبر مركز لتسجيل اللاجئين التابع للأمم المتحدة في العالم. ويوجد هذا المركز على بعد 20 كلم من العاصمة السورية دمشق. وتشرح السيدة داليا العشي المسؤولة عن الإعلام في اللجنة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن "هذا المركز مجهّز كما يجب" وأنه منذ البداية استطاع استقبال عدد كبير من اللاجئين. ووصل عددهم عام 2007 إلى 10 ألف لاجئ يوميا.
وتعيش هناء حاليا مع صديقة عراقية لها في حي "رمانا" الذي يعتبر أحد الأحياء "العراقية" في دمشق. ونجد في هذا الحي مطاعم عراقية ومتاجر للموسيقى والفيديو. ومصارف ومباني جديدة إضافة إلى حركة مرور كثيفة واكتظاظ أزقته بالمارة. وتقول داليا العشي بأن "هذا الحي قد تغير وجهه تماما في ظرف سنوات معدودة ويرجع ذلك إلى وصول اللاجئين العراقيين إليه".
بشرى وحياتها في بيروتوبعيدا عن دمشق نجد مدينة أخرى يتواجد فيها اللاجئون العراقيون بكثرة وهي مدينة بيروت. وفي حي "الرويس" في ضواحي بيروت تعيش بشرى التي تشبه قصتها قصة اللاجئين في سوريا. تعيش بشرى وحدها مع خمسة من أولادها منذ سبع سنوات بعد أن غادرت العراق هربا من الميليشيات ومن عمليات الاختطاف والقتل. لها ابنة تبلغ 20 عاما استطاعت السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وتحلم بشرى بالالتحاق بابنتها هناك ولكن الملف الذي قدمته رفض من قبل مكتب الهجرة التابع للأمم المتحدة. وكانت بشرى تعمل مصففة للشعر في العراق. وعند لجوئها إلى لبنان عملت عدة سنوات حارسة مبنى في إحدى العمارات مع ابنها البكر والآن هي عاطلة عن العمل. وتقول بشرى باكية بأنها "مضطرة إلى التسول أمام المساجد وان ابنيها يعانيان من مشاكل في الرؤية منذ حرب 2006 ولا بد من القيام بعملية جراحية لهما ولكنها لا تستطيع دفع مصاريف هذه العملية" وتضيف "نحن نعيش في بؤس يومي وآمل كل يوم أن يتحسن وضعي ولكن الوضع يسيء كل يوم".
استغلال وبغاء ومعنويات منخفضة لا يعرف بالضبط عدد اللاجئين العراقيين في الشرق الأوسط . وحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإنه يوجد 260 000 لاجئ مسجل لدى مكاتبها في سوريا و10 000 لاجئ مسجل في لبنان. ولكن الحكومات وبعض المنظمات الإنسانية ترى أن عدد اللاجئين العراقيين في الشرق الأوسط يناهز المليونين. ويعتبر هؤلاء اللاجئون من الدرجة الثانية في سلم المواطنة في هذه البلدان. فهم لا يتمتعون بوضع قانوني يخول لهم العمل أو التنقل زد على ذلك أن البلدان التي تستقبل الكثير من اللاجئين العراقيين مثل سوريا ولبنان والأردن لم توقع على أي معاهدة دولية لحماية اللاجئين. وقد نددت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان بهذا الوضع السيئ والأليم الذي يعيشه اللاجئون العراقيون.
ولاحظت هذه المنظمات الازدياد الكبير في عدد الأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة وتقارن هذا بعدد الأطفال الذين يعملون في المطاعم والورش وغيرهما من الأماكن. كما لاحظت ظهور البغاء عند الشابات العراقيات وظهور أمراض عديدة وخطيرة لدى اللاجئين العراقيين مثل أمراض القلب والسكري وحالات من الهبوط النفسي. وتقول داليا العشي شارحة حالة البؤس التي يعيشها اللاجئون العراقيون بأن "مدخراتهم بدأت تنفذ وبما أن ليس لهم الحق في العمل قانونيا فإن البعض منهم يتصور حلولا لم يكن يفكر فيها البتة سابقا ومنها تلك التي تمس من كرامتهم وسمعتهم".
ولا تنوي الأغلبية الساحقة من اللاجئين العراقيين العودة إلى العراق. فمشروع العودة الجماعي الذي أعلن عنه منذ عامين لم يحقق أهدافه. ولا نجد مثلا إلا 300 عائلة قبلت الرجوع إلى العراق في نطاق برنامج الأمم المتحدة عام 2008 في مخيمات اللاجئين في سوريا. وينظر العديد من اللاجئين إلى بلدان أخرى آملين يوما أن يساعدهم الحظ للالتحاق بهذه البلدان خاصة البلدان الأوروبية وبلدان القارة الأمريكية. وحسب الإحصائيات الأخيرة فإن أقل من 5 بالمائة من اللاجئين فقط استطاعوا الالتحاق ببلد أجنبي خارج الشرق الأوسط وذلك بواسطة برنامج الأمم المتحدة للاجئين.
هل سيتغير وضع اللاجئين العراقيين بعد الانتخابات التشريعية ؟ تجيب بشرى على هذا السؤال قائلة "هذه الانتخابات لن تغير شيئا في العراق وأن القنابل والانفجارات متواصلة أكثر فأكثر" وتضيف متسائلة "فكيف يمكن أن يتحسن الوضع هناك" ؟ \ترجمة : خالد الطيب.\فرانس 24\
انتهت فترة الازدحام لهذا اليوم أمام شبابيك مكاتب الأمم المتحدة المخصصة للاجئين العراقيين في دمشق. ولم يبق إلا البعض منهم في الانتظار ومن بينهم هناء وهي مسيحية عراقية في الـ39 من العمر. وصلت هناء سوريا لأول مرة عام 2003 هاربة من "الاعتقالات والتفتيش وعمليات القتل اليومية"، ورجعت إلى العراق بعد خمس سنوات من الهجرة ولكنها لم تستطع البقاء في بغداد إلا بضعة شهور وعادت من جديد إلى دمشق.
تتحدث هناء عن الوضع في بغداد و تقول إنه "مغاير تماما لما يقال وينشر. الانفجارات وعمليات الخطف والتهديدات متواصلة والكهرباء مقطوعة على مدار الساعة والقطاع العام غائب". وتضيف هناء بأن أخيها قد ترك العاصمة بغداد التي كان يسكنها وانتقل إلى شمال البلاد بحثا عن الهدوء.
"الرجوع إلى العراق : هذا أمر مستحيل" تواصل هناء الحديث مؤكدة بأن العودة إلى العراق أمرا مستحيلا بالنسبة لها لأن ما شاهدته هناك لا يمكن قبوله وأنها تنتظر القليل من الإعانة من صندوق الأمم المتحدة للاجئين وتضيف قائلة إن "معنوياتها تحت الصفر" الآن.ويعتبر مركز "دوما" الذي فتح أبوابه عام 2007 أكبر مركز لتسجيل اللاجئين التابع للأمم المتحدة في العالم. ويوجد هذا المركز على بعد 20 كلم من العاصمة السورية دمشق. وتشرح السيدة داليا العشي المسؤولة عن الإعلام في اللجنة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن "هذا المركز مجهّز كما يجب" وأنه منذ البداية استطاع استقبال عدد كبير من اللاجئين. ووصل عددهم عام 2007 إلى 10 ألف لاجئ يوميا.
وتعيش هناء حاليا مع صديقة عراقية لها في حي "رمانا" الذي يعتبر أحد الأحياء "العراقية" في دمشق. ونجد في هذا الحي مطاعم عراقية ومتاجر للموسيقى والفيديو. ومصارف ومباني جديدة إضافة إلى حركة مرور كثيفة واكتظاظ أزقته بالمارة. وتقول داليا العشي بأن "هذا الحي قد تغير وجهه تماما في ظرف سنوات معدودة ويرجع ذلك إلى وصول اللاجئين العراقيين إليه".
بشرى وحياتها في بيروتوبعيدا عن دمشق نجد مدينة أخرى يتواجد فيها اللاجئون العراقيون بكثرة وهي مدينة بيروت. وفي حي "الرويس" في ضواحي بيروت تعيش بشرى التي تشبه قصتها قصة اللاجئين في سوريا. تعيش بشرى وحدها مع خمسة من أولادها منذ سبع سنوات بعد أن غادرت العراق هربا من الميليشيات ومن عمليات الاختطاف والقتل. لها ابنة تبلغ 20 عاما استطاعت السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وتحلم بشرى بالالتحاق بابنتها هناك ولكن الملف الذي قدمته رفض من قبل مكتب الهجرة التابع للأمم المتحدة. وكانت بشرى تعمل مصففة للشعر في العراق. وعند لجوئها إلى لبنان عملت عدة سنوات حارسة مبنى في إحدى العمارات مع ابنها البكر والآن هي عاطلة عن العمل. وتقول بشرى باكية بأنها "مضطرة إلى التسول أمام المساجد وان ابنيها يعانيان من مشاكل في الرؤية منذ حرب 2006 ولا بد من القيام بعملية جراحية لهما ولكنها لا تستطيع دفع مصاريف هذه العملية" وتضيف "نحن نعيش في بؤس يومي وآمل كل يوم أن يتحسن وضعي ولكن الوضع يسيء كل يوم".
استغلال وبغاء ومعنويات منخفضة لا يعرف بالضبط عدد اللاجئين العراقيين في الشرق الأوسط . وحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإنه يوجد 260 000 لاجئ مسجل لدى مكاتبها في سوريا و10 000 لاجئ مسجل في لبنان. ولكن الحكومات وبعض المنظمات الإنسانية ترى أن عدد اللاجئين العراقيين في الشرق الأوسط يناهز المليونين. ويعتبر هؤلاء اللاجئون من الدرجة الثانية في سلم المواطنة في هذه البلدان. فهم لا يتمتعون بوضع قانوني يخول لهم العمل أو التنقل زد على ذلك أن البلدان التي تستقبل الكثير من اللاجئين العراقيين مثل سوريا ولبنان والأردن لم توقع على أي معاهدة دولية لحماية اللاجئين. وقد نددت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان بهذا الوضع السيئ والأليم الذي يعيشه اللاجئون العراقيون.
ولاحظت هذه المنظمات الازدياد الكبير في عدد الأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة وتقارن هذا بعدد الأطفال الذين يعملون في المطاعم والورش وغيرهما من الأماكن. كما لاحظت ظهور البغاء عند الشابات العراقيات وظهور أمراض عديدة وخطيرة لدى اللاجئين العراقيين مثل أمراض القلب والسكري وحالات من الهبوط النفسي. وتقول داليا العشي شارحة حالة البؤس التي يعيشها اللاجئون العراقيون بأن "مدخراتهم بدأت تنفذ وبما أن ليس لهم الحق في العمل قانونيا فإن البعض منهم يتصور حلولا لم يكن يفكر فيها البتة سابقا ومنها تلك التي تمس من كرامتهم وسمعتهم".
ولا تنوي الأغلبية الساحقة من اللاجئين العراقيين العودة إلى العراق. فمشروع العودة الجماعي الذي أعلن عنه منذ عامين لم يحقق أهدافه. ولا نجد مثلا إلا 300 عائلة قبلت الرجوع إلى العراق في نطاق برنامج الأمم المتحدة عام 2008 في مخيمات اللاجئين في سوريا. وينظر العديد من اللاجئين إلى بلدان أخرى آملين يوما أن يساعدهم الحظ للالتحاق بهذه البلدان خاصة البلدان الأوروبية وبلدان القارة الأمريكية. وحسب الإحصائيات الأخيرة فإن أقل من 5 بالمائة من اللاجئين فقط استطاعوا الالتحاق ببلد أجنبي خارج الشرق الأوسط وذلك بواسطة برنامج الأمم المتحدة للاجئين.
هل سيتغير وضع اللاجئين العراقيين بعد الانتخابات التشريعية ؟ تجيب بشرى على هذا السؤال قائلة "هذه الانتخابات لن تغير شيئا في العراق وأن القنابل والانفجارات متواصلة أكثر فأكثر" وتضيف متسائلة "فكيف يمكن أن يتحسن الوضع هناك" ؟ \ترجمة : خالد الطيب.\فرانس 24\
========================================================================