بعد حل البرلمان..الأزمة الجديدة تهدد عملة مصر ووضعها المالي

الأحد، يونيو 17، 2012


تسبب قرار حل البرلمان المصري الذي انتخب -بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في العام الماضي- في انزعاج المستثمرين الذين يخشون أن تنزلق مصر بسرعة الآن صوب أزمة في ميزان المدفوعات وانهيار عملتها.وعلى مدى 16 شهرًا منذ انهيار حكم مبارك الذي استمر 30 عامًا، ثبت النمو في مصر صاحبة أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا على مستوى متدن، وتقلصت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى النصف، مما أضعف قيمة الجنيه المصري، وأربك الدائنين الخارجيين الذين يستحق على مصر سداد ستة مليارات دولار لهم على مدى 12 شهرًا مقبلة، وفق بيانات بنك أوف أمريكا ميريل لينش.وكان أصحاب الاستثمارات المحتملة يتطلعون إلى انتخابات الرئاسة التي تجرى يومي السبت والأحد هذا الأسبوع للخروج من المأزق السياسي وتمهيد الطريق أمام المساعدات والتمويل.إلا أنهم فوجئوا بقرار المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان والإبقاء على أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك في سباق الرئاسة.وقد تسببت التوترات السياسية في تأخير المساعدات من صندوق النقد الدولي، وإبعاد المستثمرين الأجانب وضعف حركة السياحة.وفي الوقت نفسه تضخم العجز في ميزان المدفوعات المصري إلى 11 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2011-2012، أي أكثر من مثلي مستوياته في العام الماضي.وقال جان ميشيل صليبة خبير اقتصاد الشرق الأوسط لدى بنك أوف أمريكا ميريل لينش": من الصعب توقع أن يتشكل توافق سياسي، وفي غيابه من الصعب توقع كيف يمكن الحصول على دعم لسد الاحتياجات المالية الخارجية.وأضاف "في الوقت الحالي لا يوجد برلمان ولا دستور ولا رئيس"، وأدت أنباء قرارات المحكمة الدستورية العليا إلى ارتفاع تكاليف التأمين على ديون مصر إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات، أي أن المستثمرين يضطرون لدفع مبالغ أكبر للتأمين على استثماراتهم في ديون مصر، مما اضطرتهم إلي الانتفاضة التي أطاحت بمبارك.وقررت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني يوم الجمعة خفض تصنيفها للديون السيادية على مصر درجة أخرى، وأبرزت احتمالات اتخاذ قرارات أخرى مماثلة خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرًا مقبلة.وقال ريتشارد فوكس رئيس قسم تحليلات الديون السيادية في فيتش للشرق الأوسط وأفريقيا: "أيًّا كانت النتيجة النهائية للأحداث (في مصر)، فإن العملية السياسية وعملية وضع السياسات تعقدت، مما يرجئ التطبيق المحتمل لإصلاحات الاقتصاد الكلي الشاملة، والإصلاحات الهيكلية الضرورية لدفع الانتعاش وتخفيف الضغوط التمويلية".لكن أغلب الأجانب خرجوا بالفعل من السوق المصرية، ويقدر صليبة أن ما يملكه غير المقيمين من أذون الخزانة المحلية انخفض إلى 300 مليون دولار من أكثر من عشرة مليارات في ديسمبر عام 2010، كما أنه يقدر انكشاف الأجانب بصفة عامة في سوق الأسهم بمبلغ ثلاثة مليارات دولار.ومن الغريب أن الأسهم المصرية كان أداؤها متألقًا هذا العام، إلا أن من المعتقد أن جانبًا كبيرًا من المكاسب التي تحققت وبلغت 20 في المئة؛ يرجع إلى المستثمرين المحليين.ويقول أوليفر بيل مدير المحافظ لدى تي راو برايس إنه لم يمتلك أي أسهم مصرية منذ بداية عام 2011.ويقول "كان الناس يأملون أن تسفر الانتخابات الرئاسية بغض النظر عمن يفوز فيها عن زعيم يستطيع صندوق النقد الدولى أن يتحدث معه. والآن فإن كل ما حدث يؤخر بدء عودة الاستثمار الأجنبى الحقيقى للبلاد"ولا يرى بيل وغيره من المستثمرين حافزا يذكر للاستثمار فى مصر. وإذا ما نحينا السياسة فإن المستثمرين يشعرون بالانزعاج لتباطؤ الاقتصاد على النقيض من النمو السنوى الذى بلغ فى المتوسط ستة فى المئة فى سنوات ما قبل أزمة انهيار بنك ليمان براذرز. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى هذا العام بنسبة اثنين فى المئة فحسب.وتراجع الاستثمار الأجنبى المباشر إلى العشر عما كان عليه قبل عام حسبما أظهرت بيانات حديثة.وبالنسبة للمستثمرين فى الأسهم والسندات فإن قدرا كبيرا من الخوف يرتبط بالعملة. فأسواق المعاملات الآجلة تتوقع تخفيضا بنسبة 30 فى المئة فى قيمة الجنيه المصرى خلال السنة المقبلة مع بلوغ الاحتياطيات أدنى مستوى ممكن لها.وباستبعاد الذهب تزيد الاحتياطيات الآن قليلا على 12 مليار دولار أى ما يغطى الواردات لفترة ثلاثة أشهر فحسب. ورغم أن دولا خليجية عرضت بعض المساعدات بما فيها قيام المملكة العربية السعودية بإيداع مليار دولار لدى البنك المركزى فإن المستثمرين يقولون إن أثر هذا الدعم قد يكون مؤقتا.وأضاف بيل "سيحدث شكل من أشكال خفض قيمة العملة فالدفاع عن العملة يزداد صعوبة. وإذا انخفضت سوق الأسهم وتراجعت قيمة العملة فسيكون الأثر شديدا".