عادة تراثية خليجية شباب يعرضون توصيل سلال «حق الليلة» إلى المنازل عبر مواقع الإنترنت

السبت، يوليو 24، 2010

صبحي بحيري
“ اعطونا الله يعطيكم . . بيت مكة يوديكم “، أهازيج تراثية موروثة عبر مئات السنين يرددها الأطفال في الفرجان والمناطق الشعبية في ليلة النصف من شعبان في كل عام احتفالاً بمناسبة تعتز بها الغالبية من أهل الخليج وإن اختلفت الطقوس المصاحبة لها من منطقة لأخرى .
وبالرغم من تغير الزمن في كل نواحي الحياة مازالت مجتمعاتنا الخليجية تهتم بالاحتفال بهذه المناسبة رغم اختلاف مسميات هذه الليلة من بلد لآخر، وبعد زمن الأكياس أصبحت الحلويات، والمكسرات، والهدايا توضع فى سلال جميلة، وتوزع على الأقارب والأصدقاء في بيوتهم، محملة بعبارات التواد مثل “ عساكم من عواده “.لكن الجديد هذا العام هو عروض توصيل أكياس وسلال حق الليلة للمنازل مع خصم كبير للكميات فقد عرض بعض الشباب المواطنين عبر شبكة الإنترنت خدمة توصيل السلال إلى المنازل مع إجراء خصومات كبيرة للكميات ويبدأ سعر السلة الواحدة المحتوية على المكسرات والحلوى 12 درهما وهناك عروض لسلال لا تحتوى على حلوى ب5 دراهم للسلة وقيمة التوصيل عبر الخط الساخن 25 درهماً.الغريب أن الإعلان الذي زين العديد من مواقع الإنترنت لاقى قبولاً من مواطنين وبدأ عرض الكميات ونسبة الخصم التي تزيد كلما زادت الكمية المطلوبة لكن مشكلة توزيع هذه السلال لم تجد بعد الحلول التي يمكن من خلالها توصيل السلال إلى المنازل للأحباب والأصدقاء لكن آخرين يجدون فى طقوس الشراء من المحال القديمة وتجمع أفراد الأسرة فى المجلس وتعبئة هذه الأكياس وإعطاءها للصغار لتوزيعها على أهل الفريج ففي رأس الخيمة تنشط محال بيع الحلوى والمكسرات في مثل هذا الوقت من العام ويحرص العديد من الرجال على شراء المكسرات والحلوى وغيرها بالجملة من محال السوق القديم على أن يعاد تعبئتها في أكياس قبل توزيعها على الجيران والأقارب وتتفاوت الكميات حسب قدرة كل مشتر فهناك من يعتبر “حق الليلة “ طقساً لا يمكن التفريط فيه ويشتري ب2000 درهم حلوى ومكسرات وأكياسا ولعبا للأطفال وهناك من يعتبرها شيئا رمزيا يهدف بالأساس نثر الفرحة على وجوه الأطفال الذين يتولون عمليات التوزيع وترديد الأهازيج الشعبية.أم راشد من منطقة خت برأس الخيمة «ربة منزل» تقول : «في كل عام أبدأ بالإعداد لـ«حق الليلة» قبل أسبوع، وأحرص على شراء جميع المستلزمات الخاصة من حلويات وأكياس الشوكولاته لتوزيعها على الأطفال، وكل عام أتجمع مع أخوتي، وأطفالهم في منزل الوالد، ونقوم بالاحتفال بينما يرتدي أطفالنا الملابس الشعبية قبل تولي عمليات التوزيع». في حين ترى أم سعود من منطقة الظيت الجنوبي أن هذه العادة التي توارثها الأبناء عن الأجداد عبر مئات السنين مازالت متأصلة في المجتمع الخليجي وتقول أحرص كل عام على ابتكار طرق جديدة لتوزيع “حق الليلة” على الأطفال، واستعين بالمحال المتخصصة في تغليفها من خلال وضع المخلوط من المكسرات، والحلويات بسلال أو علب مزينة أو فوانيس، وأحرص على أن تكون الحلويات والشوكولاته من أفخر الأنواع .في حين يرى زيد علي أن التجار بدأو استغلال المناسبة بشكل كبير من خلال رفع الأسعار على الجانب الآخر باتت “حق الليلة “ وسيلة للتباهي، فنرى الأم تريد أن توزع المخلوط من المكسرات والحلويات بطريقة تحرص على أن تكون أفضل من بقية صديقاتها، وحدث ولا حرج عن التكاليف الباهظة للشوكولاته البلجيكية أو السويسرية. ويضيف كان الأطفال في السابق يجوبون الفريج لأخذ “حق الليلة”، أما الآن فقد باتت السيارات تتولي مهمة التوزيع فبعض الأهل يرسلون أطفالهم مع الخدم والسائق لتوزيع “القرقيعان” والبعض يرى أن لا حاجة لذهاب الأطفال فهم يرسلونه لكل من يعرفون مغلفاً وجاهزاً، فقد تلاشت بساطة الماضي مع مرور الزمن وتضيف: كل أم أصبحت تتفنن في ابتكار طريقة جديدة من خلال الصناديق والأشكال التى تكلف رب الأسرة الكثير وكأن المناسبة باتت فرضا.ويقول عبد الله سالم إن طقوس الاحتفال هنا تختلف عن بعض الدول الخليجية ففي الكويت يطلق الصغار والكبار على “حق الليلة “ اسم “قريقعان” وتحتل المناسبة حيزاً مهماً لدى العائلات، لا سيما عند من رزقوا بمواليد جدد خلال العام، حيث يطوف أطفال الكويت في هذه المناسبة، الأزقة والشوارع، ويطرقون الأبواب حاملين أكياساً وسلالا، مرددين الأهازيج والأناشيد الشعبية القديمة التي يرددونها بمناسبة ليلة النصف من شعبان، ومنها “ قرقيعان وقرقيعان، بيت قصير ورميضان، عادت عليكم صيام . . كل سنة وكل عام “ . وأصبحت هذه الليلة مجالا للمباهاة بين الأسر، حيث تتجاوز تكلفتها في كثير من الأحيان آلاف الدنانير، خاصة أن التطور الذي تشهده الحياة، ترك أثرا كبيرا على أساليب وعادات الأطفال في جمع المكسرات والحلويات، إذ يحملون أكياساً وعلباً مزركشة، عليها صور لشخصيات كرتونية، وبعضها يحمل عبارات التهنئة بهذه المناسبة، مثل “عساكم من عواده”، خلافاً لما كان يحدث في الماضي .ويقول علي محمد تاجر في مثل هذا الوقت من العام نستعد لهذه المناسبة بجلب التحف والسلال، والألعاب الصغيرة كالسيارات والعرائس الصغير، والفوانيس أو الألعاب الشعبية المعروفة في القديم مثل “التيله” التي يمكن وضعها مع المخلوط من المكسرات والحلويات، فالكثير من الأمهات يضعن الحلويات والمكسرات في تحفة أو سلة فاخرة مصحوبة ببطاقة تهنئة تحمل أسماء أبنائهم .محمد ميرزا صاحب محل فى السوق القديم يقول أعمل فى المجال منذ 30 عاما ففى السابق كنا نبيع الأكياس معبئة حيث كان الواحد منها يحتوى على الفول السوداني، واللوز الصغير الحجري، والزبيب الأسود، والنخي، ونقل يخلط مع بعضه ويباع بالمن وكان الأهالي يشترون معها الحلوى العمانية و” الزلابية “، و” غزل البنات “، كما كانت هناك حلويات صغيرة على شكل أساور وساعة .ويوضح أن “حق الليلة “ اليوم هو خليط من المكسرات يضم “الملبس، والمقاريع، والسبال، وجوز الهند، والبيذان، ونقل، ونخي وتين ورميت والفول السوداني والحلاوة الإيراني، وملبس بيض الحمام أو بيض الصعو بألوانه الأزرق، والسماوي، والوردي، والأبيض “ ،إضافة إلى بعض الحلويات المعروفة قديماً مثل “البهلوان، والشربت، وملاليس وحلاوة ابو الدهن “... الاتحاد

==========================