الناتج المحلي الإجمالي الخليجي

السبت، مايو 29، 2010

أرقام - إذا صحت توقعات صندوق النقد الدولي، سيتخطى حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة حاجز التريليون دولار في السنة الجارية. في التفاصيل، يتوقع أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لدول مجلس التعاون الخليجي الست تحديدا 1021 مليار دولار في 2010, فضلا عن 1118 مليار دولار في 2011. حقيقة القول، يعد هذا التطور حيويا في أعقاب تدني حجم الناتج المحلي الإجمالي من 1076 مليار دولار في عام 2008 إلى 869 مليار دولار في 2009 لأسباب جوهرية, في مقدمتها هبوط أسعار النفط. يشكل دخل القطاع النفطي في المتوسط نحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة في دول مجلس التعاون. وعلى هذا الأساس، يعد الدخل النفطي المصدر الأهم لتمويل النفقات العامة, التي بدورها تسهم بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي في الدول الست. وعليه تلعب المصروفات الحكومية دورا مؤثرا في النشاط الاقتصادي وبالتالي مستويات النمو الاقتصادي في دول مجلس الخليج. لا شك أنه لأمر مؤسف بقاء الاقتصادات الخليجية أسيرة التطورات في القطاع النفطي رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي. قطر تقود النمو كانت أغلبية اقتصادات دول مجلس التعاون قد شهدت انخفاضا لحجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي فيها بسبب تراجع أسعار النفط. على سبيل المثال، كشفت الإحصاءات الرسمية عن تدني الناتج المحلي الإجمالي السعودي الاسمي بأكثر من 20 في المائة في عام 2009, حيث بلغ 375 مليار دولار. وجاءت الخطوة التصحيحية بالنظر إلى تراجع أسعار النفط من 147 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) من عام 2008 إلى أقل من 40 دولارا للبرميل في الربع الأول من 2009. اللافت في هذا الأمر هو تقديم السلطات السعودية طواعية هذه المعلومة الاستراتيجية, الأمر الذي يعزز صدقية الأرقام الصادرة من المؤسسات الرسمية السعودية. وتبين من التقرير أن نمو اقتصادات دول مجلس التعاون يعود بشكل أساسي إلى نمو الاقتصاد القطري بواقع 18.5 في المائة في 2010 وبنسبة أقل قدرها 14.3 في المائة في 2011. يعود الأداء المتميز للاقتصاد القطري بشكل أساسي للتطورات المتواصلة في صناعة الغاز. تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد أن نجحت في تخطي إندونيسيا في السنوات القليلة الماضية. حديثا تم الكشف عن ارتفاع الطاقة الإنتاجية للغاز من 38 مليون طن متري قبل عدة سنوات إلى 54 مليون طن متري في السنة في الآونة الأخيرة. ومن المنتظر ارتفاع الطاقة الإنتاجية إلى 77 مليون طن سنويا مع حلول عام 2012. الترتيب الدولي تعد الاقتصادات الخليجية صغيرة نسبيا, حيث شكلت الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون 1.8 في المائة, أي أقل من 2 في المائة من قيمة الناتج الكلي للاقتصاد العالمي في عام 2008 حسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2008, مؤكدا حدوث تراجع لترتيب أغلبية اقتصادات دول مجلس التعاون على المستوى العالمي, نظرا لهبوط حجم الناتج المحلي الإجمالي للدول الست. لكن هناك استثناء, حيث حلت السعودية في المرتبة رقم 23 على مستوى العالم بالنسبة إلى حجم الناتج المحلى الإجمالي. وهذا يعني أن الاقتصاد السعودي أكبر من اقتصادات عديد من الدول الأوروبية بينها النرويج والنمسا وفنلندا, إضافة إلى الأرجنتين وإيران. وافترض التقرير أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بلغ 467 مليار دولار في 2008. وفي كل الأحوال، يعد الاقتصاد التركي الأكبر بين الدول الإسلامية, حيث حل في المرتبة 17 على مستوى العالم في 2008. يحتل الاقتصاد الأمريكي المرتبة الأولى عالميا, حيث يعد أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لليابان والصين وألمانيا مجتمعة. وبشكل أكثر تحديدا ، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 14.2 تريليون دولار مقارنة بـ 4.9 تريليون دولار و4.3 تريليون دولار و3.7 تريليون لليابان والصين وألمانيا على التوالي. وليس من المستبعد تسجيل تطورات لمصلحة الصين في الآونة الأخيرة بعد أن نجحت في إقصاء ألمانيا كأكبر مصدر في عام 2009. مزايا دول الخليج من جهة أخرى، هناك عديد من المزايا لدول مجلس التعاون التي تجعلها محط أنظار العالم. على سبيل المثال، يشكل الإنتاج النفطي الخليجي نحو 23 في المائة من الإنتاج العالمي للنفط الخام, وهي نسبة مؤثرة. كما تسيطر دول الخليج على أكثر من 40 في المائة من الاحتياطي النفطي المكتشف, تأتي السعودية في المرتبة الأولى عالميا من حيث تصدير النفط الخام, فضلا عن الاحتياطي المكتشف لهذه السلعة الاستراتيجية. كما يشكل إنتاج الغاز في دول مجلس التعاون قرابة 10 في المائة من مجموع الإنتاج العالمي, لكن من المنتظر أن تلعب دول الخليج دورا أكبر في السنوات المقبلة, وذلك على خلفية الاستثمارات في قطاع الغاز, خصوصا في قطر. تعد قطر ثالث أكبر مصدر لاحتياطي الغاز في العالم بعد روسيا وإيران. باختصار، القطاع النفطي كفيل بجعل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مهمة بشكل نوعي على مستوى العالم.
(الاقتصادية ـ د.جاسم حسين )
=====================================